الفجوة الكبيرة بين الميزانية التي تصرفها وزارة المالية في رام الله لمكتب رئيس السلطة محمود عباس، وما تخصصه لدعم مدينة القدس المحتلة سنويًّا، تعكس بوضوح حجم المدينة المقدسة عاصمة فلسطين لدى قيادة السلطة التي تنفق الجزء الأكبر من موازنتها السنوية على مكتب رئيسها ولدعم أجهزتها الأمنية التي تضمن بقاءها.
وكشف رئيس صندوق إعمار القدس سامر السنجلاوي في حديث خاص لصحيفة "فلسطين"، عن أن عباس خصص ١٨٠ مليون دولار فقط منذ توليه السلطة قبل 18 عامًا لدعم مدينة القدس؛ في المقابل بلغ مجموع الميزانيات المعلنة والمخصصة لمكتب عباس خلال الفترة ذاتها، ٣ مليارات و٣٢٠ مليون دولار.
وأضاف السنجلاوي الذي استند في حديثه على معطيات وتقارير صادرة عن وزارة المالية في حكومة رام الله، أن موازنة مكتب رئيس السلطة بعد أن تولى عباس الرئاسة قفزت من 6.5 ملايين دولار سنويًّا في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، إلى 184 مليونًا، وهذا ما تفيد به الأرقام المصرح بها من وزارة المالية.
وبيّن أن الـ184 مليون دولار غير قابلة للنقاش أو المراقبة أو المساءلة من أي جهة كانت، وتصرف من المالية إلى مكتب الرئيس دون أن تسجل في فواتير أو تقارير، وهي لا تشمل رواتب من يعمل في مكتب الرئيس.
وتابع السنجلاوي: أن قيادة السلطة التي ترفع شعار القدس يجب أن تضع أعمالها حيث أقوالها، فهذا الشعار لا يكفي ذكره في خطابات الأمم المتحدة، أو اعتباره وسيلة لإلغاء انتخابات فلسطينية انتظرها شعبنا 15 سنة.
وأكمل: "الموازنة التي تخصصها السلطة لوزارة شؤون القدس سنويًا 10 ملايين دولار، وهي لم تصل كاملة للوزارة على الإطلاق".
حجم القدس
وعدَّ السنجلاوي أن هذه التصرفات تعكس بوضوح حجم مدينة القدس عاصمة فلسطين لدى قيادة السلطة!، بدلالة أن 180 مليون دولار ميزانية القدس خلال 18 سنة أقل من الميزانية السنوية لمكتب عباس.
ونبَّه إلى تخفيض ميزانية القدس إلى هذا المستوى تسبب بتداعيات خطيرة على المدينة المحتلة والعديد من القطاعات فيها وخاصة التعليم، وهي لم تساهم في دعم صمود القدس وأهلها في وجه الجرائم الإسرائيلية وعمليات الهدم والتهويد.
وبيَّن السنجلاوي أن 50 بالمئة من مدارس القدس أصبحت تتبع بلدية الاحتلال بالكامل، ومدارس أخرى خاصة تعتمد بالكامل على منح مالية تقدمها ما تسمى وزارة "المعارف" الإسرائيلية بسبب عدم وجود دعم من السلطة.
وأشار رئيس صندوق إعمار القدس إلى أن هذه المنح وما يرافقها من إغراءات مالية كبيرة ترتبط بشروط تخدم بالأساس مصالح الاحتلال، وأبرزها تعلم اللغة العبرية، والمنهاج الإسرائيلي وإلغاء المنهاج الوطني الفلسطيني.
وكشف عن مجموع المنح التي تقدمها وزارة "المعارف" الإسرائيلية للمدارس الخاصة بالقدس، وتصل إلى(80) مليون دولار سنويًا، وهذا يعني أن قيادة السلطة قادرة على حماية قطاع التعليم المقدسي بتوفير هذا المبلغ، وهو ما يعادل 40 بالمئة من موازنة مكتب الرئيس في السنة الواحدة.
وعدَّ أن هذه المعطيات تدلل بما لا يدع مجالاً للشك على أن "القدس باتت شعارًا ترفعه قيادة السلطة من أجل الدعاية والاستهلاك". وتابع: "لقد انقطعت كل العلاقات بين قيادة السلطة والقدس، وهي لم تعد على جدول أعمال السلطة وحكومتها، وكذلك منظمة التحرير".
وبيّن رئيس صندوق إعمار القدس، أن طريقة عمل السلطة في رام الله تعزز إستراتيجيات الاحتلال بعزل القدس عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، رافضًا فكرة إنشاء مبانٍ سيادية ومقرات حكومية وأمنية في رام الله.
وعبّر السنجلاوي عن رفضه إنشاء مظاهر العاصمة في رام الله بدلًا من القدس.
اقرأ أيضاً: تقرير سفارات السلطة.. غيابٌ واضح عن نصرة القضية الفلسطينية ومكاتبٌ ترهق الميزانية
وتساءل: لماذا يكلف إنشاء مقر وزارة الخارجية في رام الله 12 مليون دولار؟ مع العلم أنه من المفترض أن يكون مؤقتًا وليس دائمًا.
بدوره، عدَّ الكاتب والمحلل السياسي سميح خلف، ما أورده رئيس صندوق إعمار القدس، السنجلاوي، من تفاصيل عن الميزانيات المخصصة للقدس ومكتب الرئيس، يكشف زيف موقف السلطة من العاصمة الفلسطينية.
وأضاف خلف في فيديو نشره على حسابه في موقع "فيس بوك": أن معطيات السنجلاوي تكشف بوضوح أين تذهب الموارد المالية للسلطة، في إشارة إلى المليارات المخصصة لمصروفات مكتب الرئيس مقابل ما يخصص للقدس من فتات.
وتساءل عن حقوق أصحاب مخصصات الشؤون الاجتماعية؟ وكذلك من قطعت رواتبهم بقرار من رئاسة السلطة والحكومة في رام الله، في حين تصرف مليارات لمكتب عباس.
كما تساءل عن الإنجازات التي حققها محمود عباس للقدس بعد المليارات التي صرفت لمكتبه منذ توليه رئاسة السلطة؟