ما زال السودان يعاني من حالة حرب داخلية غير مسبوقة. السودان الدولة العربية الإفريقية الأوسع مساحة قبل انفصال جنوبه عنه، والأكثر فقرًا، يعيش حربًا جديدة قد تؤدي لانفصال آخر.
(حميدتي) قائد قوات الدعم السريع يصارع (البرهان) قائد الجيش، على رئاسة السودان. الاثنان أسهما مع آخرين من داخل السودان ومن خارجه على إسقاط الرئيس عمر البشير، ولكنهما لم يتفقا معًا، أو مع القوى الخارجية على من يترأس السودان.
في المثل العربي يقولون: اتفقوا على السرقة، واختلفوا على قسمة الغنيمة، فاكتشفت أمرهم الحكومة، وأسلمتهم إلى القضاء، هل ينطبق المثل على ما يجري في السودان؟ الجواب ربما، ولكن مع ملاحظة أن الحكومة، والقضاء في السودان، غير موجودين، لأن الصراع على الحكم وعلى الرئاسة، وليس على متاع مسروق.
من سيحكم بين المتصارعين بالسلاح الثقيل: مدفعية، وطائرات، ودبابات، ومصفحات، وعربات نقل، ورشاشات؟ من يملك القوة على محاكمة المتصارعين على كرسي الرئاسة والسيادة؟ مئات القتلى، ومئات الجرحى في الشوارع، جلهم مدنيون لا علاقة لهم بالمتصارعين، ولا ناقة لهم ولا جمل في هذه المعارك الدائرة، فمن ينصف هؤلاء وذويهم، ومن يقتص من قاتليهم؟ وهل للبلاد فرص جيدة للتعافي من الأمراض التي زرعتها الحرب الدائرة؟
يصف طالب فلسطيني يدرس الطب في جامعة الخرطوم حرب الشوارع في السودان بينما هو يغادر البلاد مع المغادرين: لقد عشت في غزة حروبًا عديدة بين المقاومة والاحتلال كانت صعبة، ولكن مثل حرب السودان لم أعش؟!، إنها أصعب، وأقصى، والقتلى في لشوارع، والحل بعيد المنال فيما يبدو؟
طرفا الصراع لا يستحق أحدهما أن يكون من قادة السودان، أو في منصب رئيس السودان، البلد الفقير؟! البلد الذي فقد ثلثه أو ما يزيد على الثلث بانفصال الجنوب، بدعم وإرادة خارجية، وهما الآن يعرضان الوطن لفصل ثالث تلبية واستجابة غبية لإرادات خارجية تعمل على تقسيم السودان، وغيره من البلاد العربية.
من لا يدرك أهمية السودان الواحد، ويسهم في تنفيذ أجندة التقسيم تحت إغراء كرسي الرئاسة، لا يستحق أن يكون رئيسًا للسودان، ولا أن يكون جزءًا من الرئاسة السودانية، هذا ويجدر بالشعب السوداني أن يلفظ الطرفين، وأن يخرجهما من القصر، وأن يبحث عن ثالث وطني يؤمن بوحدة السودان، ويقاوم المخططات الصهيونية والخارجية، ويقدم السودان الموحد على شهوة الرئاسة والسيادة. من للسودان ثالثا، ومنقذا؟ من للسودان قبل فوات الآوان؟