فلسطين أون لاين

تهدد الأمن الاقتصادي والسلم المجتمعي

تقرير السطو المسلح على البنوك.. بذور جريمة منظمة تطل برأسها في الضفة

...
كاميرات التسجيل ترصد جانباً من الحادثة
رام الله - غزة/ يحيى اليعقوبي:
  • موسى: استباحتها لها تأثيرات نفسية في المؤسسات والمستثمرين والصرافين
  • الأطرش: لا يُعاقَب المجرمون عقابًا رادعًا وبعضهم تُخلي المحاكم سبيله
  • عرابي: حوادث كبيرة تحدث دون أن تتمكن السلطة من حصارها وتفكيكها

تكررت عمليات السطو المسلح التي طالت عددًا من البنوك والمتاجر في الضفة الغربية في المدة الأخيرة، كان آخرها السطو على فرع البنك الوطني في بلدة عقربا جنوبي نابلس شمالي الضفة الغربية أمس، إذ يلحظ مراقبون وجود "بذور جريمة منظمة" تهدد الأمن الاقتصادي والسلم الأهلي والمجتمعي، مع وجود حالة انفلات أمني بالضفة.

وأظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة أربعة ملثمين مسلحين يترجلون من مركبة، ويقتحمون فرع البنك، ويستولون على مبالغ من المال بعد تهديد الموظفين بالسلاح، ويستولون على 4000 دينار و6000 دولار و42 ألف شيقل.

لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها هذا الشهر، فقد تداولت وسائل إعلام محلية تسجيلات كاميرات مراقبة تظهر لحظة سطو لصوص على بنك في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، في 13 نيسان/ أبريل الجاري.

وأظهرت التسجيلات اقتحام ملثمين البنك وإشهار مسدس تجاه المودعين الذين رفعوا أيديهم للأعلى، في حين أشهر أحد المهاجمين بندقية من نوع 16m تجاه الموظفين.

وشهد عام 2022 خمس حالات سرقة لبنوك وصرافات آلية ومحال صرافة بالضفة، ومنذ عام 2019، وفي 25 أكتوبر/ تشرين أول 2021، نفذ لصوص سطوا مسلحا على فرع أحد البنوك في بلدة يعبد جنوب غرب جنين.

ومن ضمن جرائم السطو، تنفيذ لصوص سطوا مسلحا على فرع البنك الإسلامي الفلسطيني في بلدة دار صلاح في بيت لحم جنوب الضفة في 21 يناير/ كانون الثاني 2020 وقد تمكنوا من سرقة ما مجموعه (84) ألف شيقل.

تقلل الثقة

ووفق الخبير الاقتصادي د. نائل موسى، تؤثر حوادث السطو تلك في ثقة المواطنين في البنوك "في حال لم تعالج الظاهرة"، وكذلك تؤثر في قدرة البنوك ذاتها على التوسع وتقديم الخدمات وجودتها للجمهور خارج المدن.

ويعزو موسى لصحيفة "فلسطين" أسباب السطو على البنوك بالضفة الغربية لوجود نسب بطالة عالية، ووجود انفلات أمني وكذلك الاحتلال الإسرائيلي الذي يوفر حماية لـ"الزعران" إضافة لحماية هؤلاء من بعض الشخصيات في أجهزة أمن السلطة.

ويشدد على ضرورة الضرب بيد من حديد واتخاذ عقوبات رادعة بحق هؤلاء لحماية المنشآت الاقتصادية، "لأن ما يجري لا يدلل على وجود حالة فقر بقدر وجود فلتان أمني وزعرنة، فالذي يسطو يسرق أموالا أكثر من احتياجه"، عادّا ذلك بذرة من بذور الجريمة المنظمة التي يشارك في تنفيذها عدة أفراد.

اقرأ أيضاً: إصابة مواطن بالرصاص خلال جريمة سطو مسلح جنوب الخليل

ويرى أن استمرار عملية السطو يجعل البنوك تعمل في بيئة غير آمنة، فهي تعد أماكن محصنة واستباحتها لها تداعيات خطيرة وتأثيرات في الحالة النفسية للمستثمرين والمؤسسات والمواطنين وحتى الصرافين الذين سيعملون ألف حساب قبل الذهاب لتداول الأموال في مكاتب الصرافة أو في فروع البنوك خوفًا من تعرضهم للسرقة.

ضعف سيادة القانون

ويقول الحقوقي فريد الأطرش: إن ظاهرة السطو على البنوك تكررت أكثر من مرة، ما يهدد الوضع الاقتصادي والسلم الأهلي، محذرا من تداعيات خطيرة ناتجة عن الموضوع منها ضعف سيادة القانون وعدم وجود عقوبات رادعة بحق هؤلاء الأشخاص الذين يرتكبون الجرائم.

ولفت الأطرش لصحيفة "فلسطين" إلى أن بعض المتهمين أو مرتكبي جرائم السطو لا يُعاقبون بطريقة رادعة ويتم إخلاء سبيلهم من المحاكم، مشددًا على أن مستويات جرائم السطو تحتاج للتشديد في تطبيق الإجراءات القانونية الرادعة.

وأكد أيضا ضرورة توفير حماية أكثر للبنوك باعتبارها منشآت اقتصادية من قبل جهات الاختصاص فهذه القضية تتعلق بالأمن الاقتصادي وليس بالسلم والأمن الأهلي فقط.

ويدلل حدوث عمليات سطو البنوك في أكثر من مكان وفي وقت ومحدد، على وجود إشكالية وقصور أمني بساحة الضفة الغربية. وفق الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي.

وقال عرابي لصحيفة "فلسطين: إننا "نتحدث عن حوادث ضخمة وكبيرة ولافتة تحدث دون أن تتمكن السلطة من حصارها وتفكيكها، وهذا يدلل على قدر من القصور الأمني".

ويرى أن السطو على البنوك مرتبط بقضايا أخرى، مثل الشجارات العائلية التي عادت تطل برأسها من جديد، واستخدام السلاح في المناسبات والأفراح، معتبرا ذلك إشكالية بوجود سلاح لا يستخدم في مقاومة الاحتلال ويهدد السلم الأهلي. 

ويعتقد أن وجود كل هذه الظواهر يدلل على نوع من القصور الأمني واستمرارها من شأنه أن يشعر المواطنين بقلق كبير، كما أن الذين يسطون على البنوك بهذا الشكل قد يسطون على مصالح اقتصادية، وبيوت وقد تهدد السلم المجتمعي في حال استفحلت الظاهرة بشكل أكبر ولم يجرِ حصارها.