دولة الاحتلال غاضبة من مجلس الأمن، وبالذات من روسيا، لأن مجلس الأمن عقد جلسة خاصة مفتوحة لمناقشة الأوضاع الفلسطينية. ترأس جلسة مجلس الأمن سيرجي لافروف، وزير خارجية روسيا. الغضب الإسرائيلي هنا يستحق المقاربة والتعرف إلى أسبابه ودلالاته، ولا سيما أن مجلس الأمن قد اعتاد على مناقشة الأوضاع الفلسطينية، ومناقشة أول من أمس الثلاثاء ليست مبتدعة، بل هي عادة قديمة لمجلس الأمن.
الغضب جاء من ممثل دولة الاحتلال (أردان) الذي انسحب من الجلسة بحجة أن موعد الجلسة يتزامن مع عيد يهودي، لذا هو طلب تأجيل الجلسة، قبل انعقادها، ولكن لافروف بصفته رئيسا لمجلس الأمن في هذه الدورة رفض التأجيل. طلب التأجيل في نظر لافروف غير مبرر، والأعياد لا تمنع المناقشة، (وإسرائيل) تتهرب، ليس إلا.
الأعياد حجة إسرائيلية، خلفها ما يمكن تسميته ببدايات الأفول للنفوذ اليهودي والإسرائيلي في روسيا. التناقض العلني بين روسيا وإسرائيل بدأ بوقف عمل الوكالة اليهودية في موسكو. دولة الاحتلال تفحص التغيّرات في الموقف الروسي وتراقب، وروسيا تتابع الموقف الإسرائيلي الداعم لزيلنسكي بقلق . روسيا ردت على (إسرائيل) في موقفها المنحاز في أوكرانيا. أي الحالة الأوكرانية كانت حاضرة في جلسة مجلس الأمن حول الأوضاع الفلسطينية، وهذا يكشف عن حالة من الأفول والتراجع في العلاقات بين موسكو و(تل أبيب).
لم يصدر عن جلسة النقاش المفتوح قرارات ذات مغزى بالنسبة للفلسطينيين، ولكن ما يجدر الاهتمام به فلسطينيا وعربيا هو الموقف الروسي، وضرورة العمل على زيادة شقة الخلاف بين موسكو و(تل أبيب)، والاستفادة من تراجع العلاقات بما يخدم القضية الفلسطينية، والقضايا العربية.
إن موقف روسيا في مجلس الأمن له ما يبرره ذاتيا في السياسة الخارجية الروسية، ولما كان الفلسطينيون على خبرة بالشخصية الإسرائيلية، والسياسة الخارجية الإسرائيلية، فإنه يمكن متابعة تدخلات (إسرائيل) في أوكرانيا، وفي دول أخرى محيطة بروسيا، وفضح هذه التدخلات. إن مقاومتنا للاحتلال لا تتوقف عند الأراضي الفلسطينية، بل يجب تتبع أذرع المحتلين في البيئات الخارجية، على الأقل سياسيا وإعلاميا، وفضحها، وبيان الطبيعة الإسرائيلية التي تشعل الحروب، وتعتاش منها، وكيف تستغلها لمصالحها الخبيثة التي تقوم على الاستكبار والتمييز العرقي والديني. إنه ينبغي لنا أن نعمل على توسيع دائرة الأفول وتسريع وقائعها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، والزير الكبير تسنده نواة صغيرة.