فلسطين أون لاين

قبل وداع رمضان.. شكرًا نساءنا

ينصرم عنَّا شهر رمضان بلياليه الأخيرة قبل أن يودّعنا، وهناك أمانة يجب أن نؤدّيها اعترافًا وحُبًّا وتقديرًا لأمهاتنا وأزواجنا وأخواتنا وبناتنا وجدّاتنا وذوات أرحامنا وأصهارنا وأنسبائنا، وهنّ اللائي أقمنَ الشهر حقّ قيامه، فجمعنَ بين عبادتهنّ وقيامهنّ على العُبّاد والصائمين والعاكفين والعاملين والدارسين.

ساعات طويلة في إعداد الطعام لأول الليل وآخره بألوانه، ليطيب للصائمين يومهم، ويتحمّلن منا المناكَدات والاشتراطات والاعتراضات على تفاصيل لطالما تختلف عليها العائلة والصحبة في اختيار الوجبات، ومقادير الوصفات، ومواعيد التجهيز.

ثم بعد رفع الطعام تأتي واجبات أثقل في واجبات البيت القديمة المعتادة قبل رمضان، وإدارة شؤون البيت وتفاصيله المملّة، وتربية الأولاد، ومتابعات دراستهم ورعايتهم.

وربما كانت المرأة عاملة أو ذات مسؤولية زائدة ومنصب تكليفي قيادي أو إداري أو نقابي أو اجتماعي، فيجتمع عليها من المشقة ما يجتمع، ما قد يتسبب لها بأنواع الاكتئاب والضغط النفسي، وترى نفسَها ملزمةً بما تَعارَف الناس على لزوم أدائه واختصاصه بدورها.

وبين فراغات الواجبات كنّ يقبلن على تلاوة كتاب الله وختمِه، والمشاركة في الصلوات والتهجد وهنّ يحملن معهن عناء رعاية الصغار وتسليتهم ومداراتهم لئلا يُفسدوا عليهن سكينة العبادة.

ويكون سهلًا علينا أن ندعو الأحباب والأصدقاء إلى موائدنا، ونكتفي بتوفير مستلزمات الغداءات الرمضانية المباركة في الإفطار والسحور، ولكنهنّ يمضين يومًا قبل ذلك ويوم الدعوة في تجهيز الولائم وتشريف الداعي بها.

ونعلم أن بعض النساء يفعلن ذلك أداءً للواجب أو تقليدًا لما يقوم به النساء عادة، ولا ترى في ذلك غير ذلك، فتجدها متبرِّمة متسخِّطة، وقد تمُنّ بعملها وجهدها، وحتى صيامها، ومع ذلك فهي تستحق الشكر والاعتراف بالفضل والدعاء، لعل الله يَجْبُر لها مِن صنيعها ما يُصلح به نيتها.

وتجد أخريات يفعلن ذلك طلبًا للأجر ورعاية للصائمين ورحمة بهم وتقوية لهم على الطاعة، وتنوي في عملها هذا الأجر من الله، فلا تتسخّط ولا تتشكَّى، بل تراها صابرةً سعيدةً راضيةً، وتنسحب سعادتها تلك إلى كل من يجتمع على مائدتها.

مثل هذه المرأة في مشقة عملها في رمضان وفي نيتها لا أراها إلا تدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن فطَّر صائماً فله مثل أجره لا ينقص ذلك من أجر الصائم شيئاً"، فتَفطير الصائم في أقل درجاته بمذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء إنما هو لسدّ رمق مما لا عناء فيه سوى التكلفة، وأما إشباع الصائم وتقويته على العبادة بوجبة معدّة مما يُستطاب، فتفطير الصائم هنا يشترك في أجره المتكلِّف بقيمته والقائم على إعداده.

وينبغي لهنّ في هذا الشهر أن نضع بين أيديهنّ كرامة يُحبِبنها ويرضَيْنها من كلمات صالحات أو هديّات لائقات أو مفاجآت مدهشات، فانظروا استطاعتكم، وتقبل الله منكنّ، وجزاكنّ عنّا خير الجزاء.