فيما تواجه دولة الاحتلال حالة من العزلة الدولية المتلاحقة، فإنها تواصل توطيد علاقاتها مع دول جنوب شرق آسيا، ولا سيما الهند، التي وصلها وزير الاقتصاد والصناعة نير بركات على رأس وفد من رجال الأعمال الإسرائيليين لعقد سلسلة من الاجتماعات مع الشركات الرائدة في السوق الهندية ومع كبار الوزراء هناك، زاعمًا النجاح بإقامة علاقات إستراتيجية مع أكبر ديمقراطية في العالم.
ليست الزيارة الأولى من نوعها، فقد سبق لقادة الاحتلال في السنوات الأخيرة أن كثّفوا زياراتهم إلى نيودلهي، فيما استقبلت تل أبيب العديد من المسؤولين الهنود، وعقد الضيوف والمضيفون في الجانبين سلسلة من الاجتماعات مع مختلف المستويات: السياسية والأمنية والاقتصادية، تتويجًا لما يعدونه إحياءً لمرور ثلاثين عامًا على إقامة اتصالاتهما الدبلوماسية الرسمية، بما يجسّد علاقاتهما السياسية والتجارية الواسعة والمتنوعة، فضلًا عن المستويات: السياسية والعسكرية والبحثية والعلمية.
توصف العلاقات الاقتصادية مع الهند بأنها إستراتيجية ومهمة للغاية بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي نظرًا لما تشهده من طفرة التطور التكنولوجي المستمرة فيها، والرغبة المشتركة والزيارات المتبادلة، ولعل زيارات الوفود الاقتصادية الإسرائيلية إلى الهند تعمل على تعميق علاقاتهما التجارية الثنائية، وتسهم باتجاه تعزيزها في السنوات الأخيرة، حيث تنمو الهند بمعدلات لافتة، وأصبحت لاعبًا رئيسًا في السوق العالمية، مما يدفع الاحتلال لتقوية الروابط وتعزيزها تعزيزًا أكبر.
تكشف هذه الزيارة الإسرائيلية اللافتة عن حجم بيانات التجارة الثنائية بينهما، فالهند هي سابع أكبر اقتصاد في العالم، وهي ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الاحتلال في آسيا بعد الصين، وبلغة الأرقام يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما 8.5 مليارات دولار، وإجمالي الصادرات الإسرائيلية إلى الهند 5.2 مليارات دولار، وتشمل بشكل أساسي خدمات الكمبيوتر بنسبة 24٪، والمواد الكيميائية والمنتجات الصناعية بنسبة 20٪، والأحجار الكريمة والمعادن بنسبة 18٪، ومنتجات النقل بنسبة 17٪.
في الوقت ذاته، يبلغ إجمالي الواردات الإسرائيلية إلى الهند 3.3 مليارات دولار، وتشمل بشكل أساسي الأحجار والمعادن الثمينة بنسبة 44٪، والمنتجات الخشبية والمنسوجات والورق بنسبة 14٪، والمواد الكيماوية ومنتجات الصناعات الكيماوية بنسبة 10٪.
الخلاصة أن استئناف العلاقات مع الهند، منح دولة الاحتلال، فضاءً جديدًا كانت محرومة منه إلى أمد قريب، حين كانت الهند واحدة من أهم دول العالم دعمًا للقضية الفلسطينية، وإسنادًا لها في مختلف المجالات، مع أن التقارب الذي تشهدانِه يخدمهما معًا في المجالات ذاتها التي تسعيان لها، خاصة في ظل النفوذ الإسرائيلي المتزايد مع الدول العربية بعد سلسلة اتفاقيات التطبيع، فضلًا عن إعادة تموضع السياسات الإقليمية والعالمية التي قرّبت بينهما بصورة لافتة، وتخللتها جملة زيارات متبادلة، وإبرام صفقات متعددة، في شتى القطاعات.