اعتبر ناشطان مقدسيان، تسريب أراضٍ وعقارات وقفية في القدس المحتلة تابعة للكنيسة الأرثوذكسية، لصالح شركات استيطانية، بمثابة قضية وطنية خطيرة، تستوجب وقفة غاضبة لوقف التسريبات والعقود المشبوهة.
وكانت المحكمة المركزية للاحتلال الإسرائيلي، ردت مؤخراً، نقض الكنسية فيما يعرف "قصية باب الخليل" في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، والتي تم بموجبها نقل ساحة عمر الخطاب التي تعتبر أرض وقف للكنيسة الأرثوذكسية، للاحتلال الإسرائيلي عبر صفقة مشبوهة نفذها البطريرك السابق للكنيسة آرينوس.
معالجة جذرية
وأوضح مدير مركز القدس الدولي، د.حسن خاطر ، أن قضية تسريب العقارات التابعة للكنيسة الأرثوذكسية تحديدا، مزمنة ومنذ سنوات طويلة، وتعاني من استنزاف بسبب صفقات مشبوهة يقوم بها بطاركة ألمان.
وقال خاطر لصحيفة "فلسطين": "يتم تسريب هذه الممتلكات والوقفيات لتحقيق مكاسب خاصة"، مشيراً إلى أن التسريب يتم بعدة طرق، منها عقود مزورة أو عقود إيجار طويلة الأمد تصل إلى مئة عام كاملة.
وفيما يتعلق بصفقة باب الخليل في البلدة القديمة بالقدس، أوضح أنها أرض وقفية اسمها (ساحة عمر) تضم ثلاثة فنادق بالإضافة إلى العديد من المحال التجارية، وقد قدمت الكنيسة التماسا للمحكمة المركزية للاحتلال الإسرائيلي لاستعادتها، موضحة أنها "تمت بصفقة مشبوهة لكن المحكمة رفضت الطلب".
ولفت إلى خروج المقدسيين بتظاهرات مؤخراً لمطالبة البطريرك الألماني الجديد بالاستقالة، موجهين له اتهامات بتسريب مزيد من العقارات والوقفيات للاحتلال، شارحاً أن "حجم الأراضي المهدد بالتسريب ضخم جدا".
وتابع خاطر: "المشكلة في قيادة الكنيسة الألمانية وكذلك المسيحيين العرب الذين سمحوا بذلك .. قضية تسريب العقارات الكنسية للاحتلال هي قضية وطنية وليست حكراً على المسيحيين وحدهم".
ودعا إلى ضرورة إيجاد حل جذري وسريع ينهي مسألة تسريب الأراضي التابعة للكنيسة، وخاصة أن الكنيسة الأرثوذكسية تمتلك ما نسبته 30-38 % من البلدة القديمة في القدس المحتلة، وكذلك فإنها تمتلك نحو 80 ألف دونم من الأراضي في كافة أرجاء فلسطين.
وقال:" إن الكنيسة الأرثوذكسية هي من أغنى الكنائس وأقدمها أيضاً وتتمتع بنفوذ كبير يجب علينا حمايته ومنع تسريبه للاحتلال الإسرائيلي"، معتبراً التسريبات الأخيرة بأنها بالغة الخطورة".
وأضاف:" نحن لا نتهم أحداً بل نتحدث عن وقائع ، والصفقات مستمرة بطريقة أو بأخرى وعدم الإعلان عنها لا يعني أنها غير موجودة"، محذراً في الوقت نفسه من امكانية وجود صفقات أكبر وأخطر مما تم الاعلان عنه.
تهويد للمدينة
من جهته، نبه رئيس لجنة الدفاع عن حي سلوان، فخري أبو دياب، إلى "أن من يمتلك صلاحية تسريب الأراضي والممتلكات الوقفية للكنيسة لا يزال يمتلك الصلاحية وإن تغير منصبه".
وقال أبو دياب لصحيفة "فلسطين": "إن الكنيسة اليونانية هي التي تشرف على الكنيسة الأرثوذكسية ومن ترسلهم من بطاركة بغض النظر عن جنسيتهم ينفذون توجهاتها"، مشيراً إلى أن الكنيسة الأرثوذكسية تمتلك أملاك كثيرة قد تنتقل إلى يد المستوطنين إن استمر تسريبها.
وتابع: "حاولت الطائفة المسيحية الأرثوذكسية أن تتخلص من هذا البطريرك وخرجت بمظاهرات طالبت بالتراجع عن صفقة باب الخليل ومنع تسريب الأراضي الفلسطينية العربية للاحتلال ووضع حد لتهويد المدينة عبر تمليك المستوطنين المزيد من الأملاك فيها".
وشدد على خطورة تسريب أملاك الكنيسة، لا سيما وأنها تمس بهوية مدينة القدس المحتلة وتدفع باتجاه مزيد من التهويد لمقدساتها ومعالمها الإسلامية، لافتا إلى أن الكنيسة الأرثوذكسية تمتلك ممتلكات قريبة جداً من المسجد الأقصى وفي المنطقة المحيطة به.
وأضاف: "إن قضية التسريب أكبر من مسيحي ومسلم، فهي قضية وطنية يتم من خلال تهويد أرض فلسطين العربية"، موضحاً أن القدس المحتلة تعاني من استهداف سياسي وايديولوجي وكذلك ديمغرافي.
وطالب بضرورة وضع حد لعمليات التسريب التي تتم بطرق مختلفة سواء بالسر أو على الملأ، من خلال تدخل السلطة الفلسطينية، داعيا لأردن – راعية الممتلكات الدينية في القدس- وكذلك اليونان لوقف هذه السياسات.
وحذر في الوقت ذاته، من أي دور "لهؤلاء البطاركة في إبرام صفقات مستقبلية"، مستدركا: "أملاك الوقف لا يجوز أن يتم بيعها أو شرائها سواء كانت أملاكا إسلامية أو مسيحية، فصفة الوقف واجبة وملزمة لكن الاحتلال الاسرائيلي وقضائه المسيس لا يعترفان إلا بمصالح المستوطنين".