مازال الشعب الفلسطيني يئن تحت وطأة اتفاقية باريس الاقتصادية التي حولت حياة الشعب إلى جحيم حقيقي؛ فهو مضطر إلى اشتراء المواد الأساسية بالسعر المتداول في كيان الاحتلال الإسرائيلي، حتى لو كان دخل الفرد الإسرائيلي يساوي عشرة أضعاف دخل الفرد الفلسطيني، ولذلك لا تعجب إن كان الاسم "باريس" يبعث التشاؤم وربما التقزز في نفوس كثيرين من أبناء الشعب الفلسطيني، وإن كانت الاتفاقية بين أطراف متعددة، ومنها الطرف الفلسطيني.
كبير المفاوضين د. صائب عريقات أكد أن المؤتمر الدولي لـ"السلام" (مؤتمر باريس) سيعقد في 21 من الشهر الجاري بمشاركة 70 دولة، ولن يكون الكيان العبري من بينها، ولا الولايات المتحدة الأمريكية، فكيف سيعقد مؤتمر لـ"السلام" بين طرفين بغياب أحدهما ورفضه للمؤتمر؟!
الاعتقاد بأن الطرف الفلسطيني سيفرض واقعًا دوليًّا جديدًا لمصلحته في مؤتمر باريس مجرد هرطقة سياسية، لأن المجتمع الدولي لا يمكنه أن يفرض أي حل سياسي على الكيان العبري، ولكن لماذا توافق فرنسا على رعاية مؤتمر كهذا، وتوافق عشرات الدول على المشاركة فيه؟
نحن تعودنا من حين إلى آخر عقد مؤتمرات دولية حاشدة باسم "السلام" وملف القضية الفلسطينية، أكثر من تسعين دولة شاركت في مؤتمر أنابوليس، وأقل من ذلك بعشرين دولة شاركوا بعدها في مؤتمر فرنسا 2007م، وبعض المؤتمرات الشبيهة عقدت في القاهرة. ولكن ما المحصلة؟، من الناحية السياسية لم نحقق أي شيء تقريبًا، ومن الناحية الاقتصادية أغلب المؤتمرات المشار إليها تعهد فيها المانحون بمليارات للسلطة الفلسطينية، لكن السلطة تعيش في أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ سنوات، مع المليارات التي وعدت بها في أكثر من مناسبة، ولكن كل ذلك تبخر وما بقي سوى ما قدمته السلطة من تنازلات، وما حصل عليه الكيان من وعود وتعهدات.
خلاصة القول: إن مؤتمر باريس لن يقدم لنا إلا الخيبة، ونأمل ألا يقدم لهم الطرف الفلسطيني المزيد من التنازلات، وفي الوقت الذي يتحدث فيه عريقات عن مبادرات "السلام" تجرف جرافات الاحتلال الجبال من حوله في الضفة الغربية ليزرعوا المزيد من المستوطنات.