فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

"هند رجب" تحوَّل رحلة استجمام لضابط "إسرائيليّ" إلى مطاردة قانونيَّة بقبرص.. ما القصَّة؟

ترامب وإعادة رسم الجغرافيا السياسية للمشرق العربي

بخيام مهترئة.. النَّازحون في غزَّة يواجهون بردِّ الشِّتاء والمنخفض الجوِّيِّ

تقارير عبريَّة: هكذا هزمتنا فلسطين إعلاميًّا.. وأبو شمالة يعلِّق: الاعتراف نتاج للواقع الميدانيِّ بغزَّة

دبلوماسيّ سابق لـ "فلسطين أون لاين": استمرار الحرب على غزَّة يساهم في شلِّ قدرة الاحتلال

أوقعتْ 20 قتيلًا.. الداخليَّة بغزّة توضح تفاصيل حملةً ضد عصابات سرقة شاحنات المُساعدات

إنَّهم يألمون.. حزب اللَّه يكشف عن مصير ضبَّاط إسرائيليِّين توغَّلوا في لبنان (فيديو)

"ملحمةُ الطُّوفان".. القسّام تبث مشاهد لمخلفات جنود قتلى وبدلة ملطخة بالدماء في معارك شمال غزّة

تعذيب عبر "فتحة الزنزانة".. شهادات جديدة لأسرى من غزَّة يكشفون كيف تفنَّن الاحتلال في تعذيبهم

ضيف غير مرحَّب به بملاعب أوروبَّا.. هزائم رياضيَّة بأبعاد سياسيَّة لـ (إسرائيل)

بالشلل الدماغي تعاني الفقر المدقع

في بيت مهترئ.. أسرة تعيل ثلاثة مصابين

...
تصوير محمود أبو حصيرة
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

بين أزقة مخيم النصيرات للاجئين تقبع عائلة "خ. بدر" في بيتٍ تشبعت حوائطه بالرطوبة، ويفتقد للشمس والتهوية ترقد العائلة مع ثلاثة أبناء مصابين بالشلل الدماغي في ظروفٍ غير صحية البتة، يقاسون الحياة في بيتٍ غير ملائم وظروفٍ معيشية قاسية في ظل تعطل والدهم عن العمل.

ظروف قاسية

فما إنْ تدخل المنزل صباحًا تدرك أنّ ظروفًا قاسية يعانيها أصحابه، وأن هناك أُمًّا لم تنم ليلها الطويل تراقب "أنّات" أبنائها المرضى الذين لا يعرفون للنوم سبيلًا بسبب الأوجاع التي تعتري أجسادهم وتزداد كلما تقدم بهم الزمن.

فالأم منذ رزقها الله بابنتها البكر والتي ولدت بشلل دماغي قبل 30 عامًا لم تعرف للراحة سبيلاً، وهي تسهر على رعايتها والاعتناء بها.

وشاء القدر أن تتضاعف معاناة العائلة بعدها بعشر سنوات إذْ تعطّل الأب عن العمل وأصبح غير قادر على توفير مصاريف منزلهم، ثم رزقوا بابن ثانٍ (17 عامًا) مصابٌ أيضًا بالشلل الدماغي.

لم تستقر حياة الأسرة حتى فُجعت بسقوط ابن ثالث (7 سنوات) تسببت الإصابة له بجلطة وشلل دماغي، ومع مرور الوقت يتدهور وضعه الصحي حتى أصبح عاجزًا عن الكلام والحركة بشكل كلي.

في غرفة تفتقر لأسس الحياة الصحية يرتمي أبناء العائلة الثلاثة فوق فراشٍ متشبعٍ بالرطوبة، يقاسون أوجاعهم بينما تتفطر قلوب والديْهم اللذين أنهكهما الفقر والعجز والكبر في السن، "لا ندري إذا ما حدث لنا شيء مَنْ يمكن أن يعيلهم؟ فنحن على قيد الحياة عاجزون عن تلبية مطالبهم، وتقديم المسكن الصحي والرعاية الصحية اللازمة"، يقول الأب بأسى.

عجز عن العمل

وفوق وجع العائلة تراكم وجعٌ آخر بإصابة أحد أبنائها في مسيرات ضد الاحتلال وما زال يعاني من إصابته حتى اللحظة ويعجز عن العمل، "حتى الشاب اللي كنا نعول عليه في مساعدتنا أصبح الآن غير قادر على إعالة نفسه"، يضيف.

أما الابن الأكبر فهو عاطلٌ عن العمل ومتزوج ويسكن بالإيجار، "تبقى لديّ ولدان آخران أحدهما في المرحلة الإعدادية وقد وفّرنا له بسطة يبيع عليها بعض السكاكر للأطفال على باب المنزل، أما الثاني ففي المرحلة الابتدائية، وهما على وشك ترك المدرسة إذْ لا يحتملان عدم قدرتنا على تلبية احتياجاتهما ومساواتهما بأقرانهم".

فـ"بشق الأنفس" يقبل الاثنان الذهاب للمدرسة كونهما يخرجان لها بدون مصروف أو وجبة إفطار، ويعجزان عن توفير الملابس كالتي يلبسها أقرانهما، تقول الأم، مضيفة "أحاول دائمًا تشجعيهما بأن التعليم قد يغير حياتنا للأفضل، يكفي أنني أنا وأبوهما وأشقائهم الكبار لم نتعلم، لكنهما يريان أننا لا نملك المال كي نكمل لهما تعليمهما الجامعي، بجانب الضغوط النفسية الصعبة التي يتعرضان لها بسبب الفقر وظروف مرض أشقائهم الثلاثة".

خلال العشرين عاماً الماضية لم يتحصل رب الأسرة سوى على فرص عمل متقطعة "بطالات" لم تحرك راكداً في الوضع الاقتصادي البائس الذي تعيشه أسرته، "هذا المنزل شرته لنا والدة زوجي ومنذ سكناه قبل سبعة وعشرين عاماً لم نغير فيه شيئاً حتى اهترأ كل ما فيه، أمنية حياتي أنْ أتمكن من هدمه وإعادة بنائه"، تقول الأم.

وتواصل: "أنا مستعدة أن أظل بدون طعام وشراب في مقابل أن أوفر مسكناً صحياً لأبنائي خاصة المرضى منهم علّه يكون مبعثًا لتحسن حالتهم الصحية، الجمعيات الخيرية هي من ركّبت لنا أبوابًا وشبابيك وسقفت المنزل بألواح الزينقو لكنه كحر جهنم في الصيف، وباردٌ جداً في الشتاء".

أمراض متتابعة

وينهمر المطر فوق رؤوس أبناء الأسرة خلال الشتاء من السقف المهترئ، ما يجعل الأبناء المعاقين يصابون بالسخونة وأحياناً بالتشنجات، ويعجز الوالدين في كثير من الأحيان عن نقلهم للمشفى.

وتشرح بحزن شديد حالها وهي عاجزة عن توفير مستلزمات أبنائها الصحية من حفاضات وورق مبلل وأكل صحي في ظل انقطاع الشؤون الاجتماعية وعدم انتظام صرفها، "علينا قرابة الثلاثة آلاف شيقل ديون للبقالة المجاورة ومثلها الكثير للأطباء والصيدليات، لولا كابونة الوكالة التي نبيع منها بعض الدقيق لما استطعنا تدبير مستلزماتنا ولكان الوضع أصعب بكثير".

وتعجز الأسرة في أحيان كثيرة عن توفير الخضار لأبنائها إلا من صدقات أهل الخير الذين يتفقدونهم بين حين وآخر، أما غير ذلك فإنها تعتاش على الخبز والعدس، "لقد داهمتني الأمراض والغضاريف من التعب الذي أكابده في حياتي بين خدمة المرضى والمنزل غير الصحي، وشعوري بالعجز عن رسم السعادة على وجه أبنائي".

ورغم أن الأم لا ترى "نور الشمس" في أغلب الأيام بسبب عنايتها بأبنائها المرضى إلا أنها تتمنى الحصول على فرصة عمل تحقق بها لأبنائها الأصحاء أمنياتهم في أن يكونوا مثل أقرانهم وأنْ تتمكن من أن يكون لها منزل جيد بعد 33 عامًا من الشقاء في أروقة منزلها المتهالك.

غراس - عائلة بدر (3).JPG
 

غراس - عائلة بدر (2).JPG
 

غراس - عائلة بدر (1).JPG
 

غراس - عائلة بدر (4).JPG