فلسطين أون لاين

"بنك الطعام".. مبادرة شبابية تشبع بطون الفقراء في رمضان

...
بنك الطعام
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

في داخل مقر "بنك الطعام" يسابق عدة متطوعين ومتطوعات الزمن ليجهزوا وجبات إفطار لأسرٍ متعففة في شهر رمضان، فبين كمياتٍ كبيرة من اللحوم والخضار تجلس المتطوعات يوميًا، لتحضِّر وجبة الإفطار لما يزيد عن المئة أسرة يوميًا.

التقينا إحدى المتطوعات في "بنك الطعام" أم آدم علي، التي بينت أنها تطوعت فيه منذ قرابة الثلاثة أشهر، "بادرتُ أنا للتطوع بعد ما علمتُ عن الفكرة من إحدى صديقاتي، وكانت البداية بطهو وجبة الغداء ليوم الجمعة للمحتاجين".

وبدأت "علي" بترتيب أمور منزلها قبيل رمضان بأيام، بعد أن أخبرها القائمون على "بنك الطعام" أن العمل في الشهر الفضيل سيكون يوميًا، "هذا يعني أنني سأعد الطعام مرتين في اليوم، مرة لأسرتي في المنزل وأخرى هنا في "بنك الطعام".

وتضيف: "أبدأ بترتيب أمور وجبة الإفطار لعائلتي في المساء، وأحدد ما أحتاجه من مستلزمات، ثم أطلبها (ديلفيري) لعدم وجود وقت لديّ صباحًا، إذ أجهز ما أستطيع تجهيزه لأسرتي، ثم أنطلق قرابة الساعة الحادية عشرة لبنك الطعام".

وفي داخل مقر المبادرة التطوعية، تشرع "علي" برفقة عددٍ من المتطوعات في تجهيز الخضار واللحوم، لتحضير وجبة الطعام للأسر المتعففة، "نتعامل مع كميات كبيرة ونسابق الزمن لكي نتمكن من تسليم الوجبات قرابة الساعة الرابعة عصرًا".

وتضيف: "عندما ينتهي تجهيز الطعام، تنتهي مهمتنا كمتطوعات وننصرف إلى بيوتنا، ويتولى الشباب مهمة سكب الطعام للأسر المتعففة التي تأتي لاستلامها".

سعادة ورضا

وتشعر "علي" بالرضا والسعادة وهي تقوم بهذا العمل التطوعي وتسهم في سد حاجة الفقراء، "العمل هنا جميل جدًا، حتى أن الأسر المتعففة تعودت على طريقة طهينا وعلينا شخصيًا، وهم يستفقدونني إذا لم آتِ للعمل".

الشعور بخدمة الفقراء والسعادة التي يدخلها العمل على نفوسهم "ينسينا مرارة التعب ويدفعني للمضي قدمًا بالتطوع في المشروع، بالرغم من عبء الجمع بين العمل فيه وبين شأنها العائلي".

أما الناطقة باسم مبادرة "بنك الطعام" شعاع الريس فتبين لـ “فلسطين" أن الفكرة فردية بدأها مجموعة من الأفراد منذ رمضان الماضي، ويعتمدون في توفير مستلزماتها على تبرعات الأقارب والأصدقاء والمعارف، "واستمرينا بالعمل في رمضان لهذا العام، إذ نوفر وجبة الإفطار لقرابة 120 أسرة يوميًا يتراوح عدد أفرادها غالبًا بين ثمانية لعشرة أفراد".

وتشير إلى أن التبرعات يوميًا تأتي من عدة جهات لأن العدد كبير والكميات المطلوبة كبيرة، فلا يوجد داعم واحد يستطيع تغطيتها، فمثلًا إذا قررنا طبخ "بامية" نتواصل مع معارفنا فنخبرهم بأننا نحتاج قرابة خمسين كيلو منها وما يلزمنا من لحم وصلصة وهم يتبرعون بما يقدرون عليه.

وتضيف الريس: "عندما نحصل على المال الكافي للكمية المطلوبة، نشتري المستلزمات، ونجهز الوجبة، وأيضًا يمكن لأي متبرع آخر التواصل معنا عبر صفحتنا على "الفيسبوك" وأرقامنا على الواتساب المنشورة عبرها".

توزيع للأدوار

وتلفت إلى أن الدافع وراء هذه المبادرة هو إدراك القائمين عليها لحجم الفقر والاحتياج الموجود في قطاع غزة وعجز المئات من الأسر عن توفير وجبة الإفطار لأبنائها، "نحن نعمل أيضًا طوال السنة في يوم الجمعة فقط، إذ نوفر للأسر المحتاجة وجبة الغداء".

ويعتمد بنك الطعام على إخبار الأسر الفقيرة بأنه في اليوم التالي لهم وجبة إفطار وعليهم أن يحضروا "أوانيهم" ويأتوا لاستلامها، تقول الريس: "نطلب منهم أوانيهم حتى يأخذوا بالقدر الذي يكفيهم، ويكفي أسرهم، فكل أسرة تأخذ حسب عدد أفرادها".

ومن قائمة تحتوي على قرابة 3 آلاف أسرة محتاجة، يتم انتقاء 120 أسرة يوميًا، وفي اليوم التالي يُختار نفس العدد من أسر غيرها وهكذا، "وفي هذا العام افتتحنا فرعًا آخر في شمال غزة بعد أنْ وجدنا إقبالا كبيرًا وأدركنا أن حجم العوز والفقر كبير جدًا".

وتبين الريس أن كل القائمين على الفكرة من المتطوعين من الشباب والنساء، يوزعون المهام بينهم بين شراء المستلزمات والطهي وتسليم الوجبات، "غالبًا يكون الطهي مهمة النساء وعددهن خمس نساء في فرع غزة وسبعة في فرع الشمال".

وتضيف: "الشباب مهمتهم التسوق وتسليم الوجبات ورفع القدور الكبيرة وسكب الوجبات للناس، وتركيب أنابيب الغاز... نتفق على الوجبة التي نريد طهيها قبل يوم مع فريق العمل، ومن الصباح الباكر نبدأ بالتجهيز، والشراء ثم نبدأ بالطهي الساعة الحادية عشرة ونسلم الوجبات بحد أقصى في الخامسة مساءً".

وتوضح أن دعوات الناس عندما يستلمون الوجبات تُنسي فريق العمل الجهد الكبير الذي يبذلونه طوال اليوم، معربة عن أملها في أنْ تستطيع توسيع العمل ليشمل جميع المناطق.