يُخيّم الفلتان الأمني والفوضى على شوارع وأزقّة مدينة نابلس مع غياب دور السلطة في ضبط الحالة الأمنية، خاصة أنّ ضحايا هذا الفلتان غالبيتهم من المعارضين للسلطة، والمنتقدين لسياستها.
وتأخذ الفوضى في المدينة أشكالًا متعددة منها: إطلاق النار على منازل المواطنين، وإحراق مركباتهم، وتخريب ممتلكاتهم، وسط غياب الأمن والأمان للمواطنين، أو بذل أيّ محاولات لبسط السيطرة.
وأقدم مسلحون فجر الجمعة الماضية، على إحراق مركبة عضو المجلس البلدي مؤيد دويكات، بعد أسابيع من تخريب وإطلاق النار على مركبة رئيس فرع نقابة المهندسين بالمدينة، يزن جبر، والأكاديمي في جامعة النجاح، أيمن المصري.
كما سبق وتعرض نائب رئيس الوزراء السابق، د. ناصر الدين الشاعر، لمحاولة اغتيال في يوليو الماضي.
بدوره يؤكد جبر أنّ من يقف وراء إطلاق النار على مركبته وتخريبها هم عناصر من أجهزة أمن السلطة في مدينة نابلس، مشيرًا إلى أنّ هذا الحدث تمّ دون أن يتم اعتقال الفاعلين أو التحقيق معهم أو إحالتهم إلى القضاء.
ويقول جبر في حديثه لـ"فلسطين": "هناك حالة من التقصير في مساءلة ومحاسبة مطلقي النار على مركبتي، كونهم ينتمون لعناصر أمنية معروفة".
ويُبيّن أنّ "هناك غطاءً سياسيًّا مدفوعًا من قِبل جهات أمنية، لعناصر أجهزة أمن السلطة الذين أطلقوا النار على مركبتي، وهو ما يُعدُّ أمرًا خطيرًا".
وشدّد رئيس فرع نقابة المهندسين بمدينة نابلس، على ضرورة وضع حدٍّ لحالة الفلتان في المدينة، ومعاقبة الخارجين عن القانون، ووقف استهداف المواطنين.
اقرأ أيضًا: خاص "عساف" يُحذّر من استمرار حالة الفلتان الأمني والفوضى التي تمارسها السلطة بالضفة
من جانبه، يؤكد الأكاديمي أيمن المصري أنّ مركبته تعرّضت لإطلاق نار وتخريب من أشخاص مجهولين في شهر مارس، ولم تتوصل أجهزة أمن السلطة إلى أيّ نتائج رسمية، أو تعلن تقدُّمًا في التحقيقات.
ويقول المصري في حديثه لـ"فلسطين": "عدم الوصول إلى الجناة من قِبل أجهزة أمن السلطة يُعدُّ أمرًا مقلقًا جدًّا، ويعكس وجود حالة فلتان وفوضى، وبثّ الخوف لدى المواطنين".
ويُبيّن أنّ المواطن بدأ يشعر بحالة من الخوف وعدم الاستقرار أو الشعور بالأمن، نتيجة حوادث الاعتداءات المستمرة على الممتلكات، وغياب دور الأمن في ضبط الجناة.
بدوره، يؤكد منسق لجنة مؤسسات وفعاليات نابلس، غسان حمدان، أنّ ما تشهده المدينة من إطلاق نار على مركبات المواطنين والاعتداء عليهم، يعود بالمدينة إلى أجواء الفلتان الأمني والفوضى التي عاشتها خلال السنوات السابقة.
ويقول حمدان في حديثه لـ"فلسطين": "الفلتان الأمني يتسبب في مشاكل سياسية واقتصادية، ويُفقِد المواطنين ثقتهم بالقانون، لذلك مطلوب من أجهزة أمن السلطة محاسبة المعتدين على المواطنين وممتلكاتهم".
ويوضح أنّ العودة إلى أجواء الفلتان والفوضى والاعتداء على المواطنين دون حقٍّ هو أمرٌ مرفوضٌ ومستنكر، ومن يقوم به خارج عن الصف الوطني.
ويضيف: "آن الأوان للمؤسسة الرسمية أن تأخذ دورها، ولا تكيل بمكيالين، ويجب رفع الغطاء عن كلّ من يعتدي على المواطنين، لآن من يفعل ذلك يرتكب جريمة بحقّ الشعب الفلسطيني وقضيته".
وقفة غاضبة
إلى ذلك، شارك العشرات من ممثلي المؤسسات والقوى والفصائل بمحافظة نابلس ظُهر أمس، في وقفة أمام مبنى بلدية المدينة؛ استنكارًا لإحراق مركبة عضو المجلس البلدي مؤيد دويكات على يد مجهولين.
وطالب المشاركون بالوقفة أجهزة أمن السلطة بسرعة الكشف عن الفاعلين؛ درءًا لإشعال الفتنة في المدينة؛ مؤكدين أنهم سيقفون سدًّا منيعًا أمام كل من يسعى إلى افتعال الفتن.
وقال رئيس بلدية نابلس سامي حجاوي: إنّ هذا الاعتداء يأتي في الوقت الذي تتعرض فيه مدينة نابلس لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي اليومية وارتقاء الشهداء.
ودعا حجاوي الأجهزة الأمنية إلى بذل كلّ الجهود للوصول إلى الفاعلين والكشف عنهم، ومحاسبتهم بأسرع وقت لمنع تكرار هذه الاعتداءات.
من جانبه، عدّ عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة نابلس ياسين دويكات هذه الحادثة اعتداءً على السلم الأهلي في نابلس، وزعزعة للاستقرار المجتمعي فيها.
ووصفت عشيرة الدويكات الاعتداء بأنه "جريمة دنيئة تمارسها خفافيش الظلام في محاولة لزرع الفتنة وضرب النسيج المجتمعي المتين"، مبينةً أنها تنظر بخطورة إلى تزايد الاعتداءات على أملاك المواطنين.