فلسطين أون لاين

الوصاية بين الحقيقة والإهانة

" لو لم تكن الأوقاف الأردنية موجودة في المقدسات الإسلامية والمسيحية، لو لم تكن الوصاية الهاشمية، لكانت (إسرائيل) قد فرضت سيادتها بالكامل على هذه المقدسات، ولكانت قد تقوضت الهوية العربية الإسلامية والمسيحية للمقدسات". هذه فقرة من أقوال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأستاذ أيمن الصفدي والذي قال: "نحن في مواجهة احتلال وليس مطلوبًا من الوصاية الهاشمية وإدارة الأوقاف في القدس أن تنهي الاحتلال".

تصريحات الصفدي أمس الأربعاء جاءت بعد احتجاجات أردنية فلسطينية أمام السفارة الإسرائيلية في عمان، والتي طالبت بطرد السفير الإسرائيلي كرد أردني على ضرب المصلين في المسجد الأقصى وطردهم واعتقال بعضهم وحرمانهم من حقهم في الاعتكاف. ولكن الأردن لم يستجب لمطالب المحتجين، واكتفى بشجب أعمال (إسرائيل) في المسجد الأقصى، وطلب من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي دعم الموقف الأردني.

الموقف السياسي الأردني جيد، ولكنه ليس كافيًا من دولة لها وصاية على المقدسات في القدس، لأنه ما قيمة هذه الوصايا التي لا تحمي حق المصلي في الصلاة والاعتكاف؟! ما قيمة هذه الوصاية والجندي الإسرائيلي يدخل المسجد القبلي بحذائه وسلاحه وهراوته لضرب النساء والرجال وطردهم من المسجد؟

 لا أحد يطلب من الوصاية الهاشمية تحرير القدس من الاحتلال، فهذا طلب للمستحيل، ولكن الوصاية الحقيقية هي التي تمنع المحتل من التدخل الأمني والعسكري في المسجد الأقصى. الوصاية الحقيقية هي التي توفر الأمن والأمان للمصلين والمعتكفين.

الوصاية في نظر الوزير حمت هوية المقدسات عربية إسلامية، ومنعت (إسرائيل) من فرض سيادتها عليها؟! والواقع العملي في القدس يقول غير ذلك؟! الواقع يقول إن السيادة الإسرائيلية على المقدسات والقدس قائمة بقوة الاحتلال، والكلمة الأولى والأخيرة لحكومة ابن غفير والمتطرفين، وليس للأوقاف كلمة البتة، أي إن (إسرائيل) أزهقت روح الوصاية، وجعلتها شكلًا بلا قيمة، وهي تقود مخططًا تدريجيًّا لفرض السيادة بالتقسيم، وبتدمير الهوية العربية الإسلامية المسيحية للمقدسات.

(إسرائيل) تستخدم الوصاية لمصالحها عندما تقرر استخدامها، وتنتهك الوصاية وتدمر سمعتها عندما تريد ذلك، والحاصل أن موضوع الوصاية يحتاج لمراجعة، إما أن تكون وصاية حقيقية بحجم المقدسات، وبحجم دور الأردن وإما لا تكون، لأن الوصاية الشكلية تحمّل الأردن ما لا يطيقه، وتدفع عن (إسرائيل) انتقادات دولية مهمة في معركة الحقوق الدينية للمسلمين والمسيحيين. وطرد السفير موضوع آخر غير موضوع الوصاية التي أهانها العدو مرارًا وتكرارًا.