فضحت وثائق أمنية أمريكية كذب وخداع السلطة للشارع الفلسطيني عبر محطات طويلة أعلنت فيها وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وأثبتت أن تصريحات المسؤولين في السلطة "إعلامية ودون رصيد فعلي على الأرض"، بحسب مراقبين.
وكشفت الوثائق التي سُرّبت وانتشرت عبر مواقع التواصل في اليومين الماضيين، أن السلطة حافظت على التنسيق الأمني مع الاحتلال في الفترة التي أعلنت فيها وقفه.
وجاء في الوثائق بشكل واضح أن "العمليات الإسرائيلية والفلسطينية لتحديد مكان المقاومين الفلسطينيين لا تزال مستمرّة"، على عكس ما يردده مسؤولون في السلطة حتى ذلك الحين.
وقبل نحو شهر من ذلك التاريخ (الوثائق)، أعلنت السلطة وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، عقب المجزرة التي اقترفها في 26 يناير/كانون الثاني في جنين وأسفرت عن استشهاد 10 فلسطينيين؛ ولم تعلن عن عودة الاتصالات في هذا الاتجاه.
استهلاك إعلامي
وقال الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح: إن السلطة لم توقف التنسيق الأمني مُطلقًا بالرغم من إعلان بعض مسؤوليها ذلك، مستدلًا بذلك على مشاركتها باجتماعي العقبة وشرم الشيخ الأمنيّين.
وأوضح الصباح لصحيفة "فلسطين"، أن الوثائق الأمريكية أثبتت الوقائع الموجودة على الأرض حول عدم وقف السلطة تنسيقها الأمني مع الاحتلال، عادًّا تصريحات مسؤوليها "للاستهلاك المحلي والإعلامي فقط".
وبيّن أن السلطة "مُحرجة" أمام شعبها من مواصلة التنسيق الأمني الأمر الذي يدفع قادتها بالتلويح بوقفه بين الحين والآخر.
ورأى أن الشعب الفلسطيني "وضع السلطة وقضاياها خلف ظهره، وبات ينحاز كليًا للمقاومة"، مشيرًا إلى أن حالة الالتفاف الشعبي حول المقاومة المتصاعدة تثبت ذلك.
وأكّد الصباح أنه يتوجب على السلطة أن تراجع نفسها، والعدول عن قراراتها التي تخدم الاحتلال، خاصة في ظل تطورات الأحداث الميدانية في الضفة الناجمة عن ممارسات حكومة المستوطنين المتطرفة، مؤكدًا أن (إسرائيل) تريد السلطة وكيلًا أمنيًا لها فقط.
ورأى المحلل السياسي محمد جرادات أن السلطة لا تستطيع وقف التنسيق الأمني مُطلقًا، بل لا تزال تلتزم باتفاقية (أوسلو) وتبعاتها الأمنية بالرغم من تنصل الاحتلال من الالتزام بأي من بنودها.
وعدّ جرادات في حديثه مع "فلسطين" تصريحات السلطة بوقف التنسيق الأمني "تمويهًا وخطواتٍ شكلية فقط لا تُنفذ عمليًا على أرض الواقع"، مؤكدًا أن الفجوة تزداد يومًا بعد آخر بين السلطة والشعب الفلسطيني.
وبيّن أن سياسات السلطة القائمة على التنسيق الأمني قد تدفع الأوضاع لمزيدٍ من حالة التدهور كما يحصل في الوقت الحالي.
وشدد جرادات على ضرورة توحيد الجهود الفلسطينية لمواجهة سياسات الاحتلال وممارساته العنصرية.
تعميق الشرخ
أما الناشط السياسي د. غسان حمدان فاستبعد وقف السلطة تنسيقها الأمني مع الاحتلال مُطلقًا حفاظًا على مصالح قادتها السياسيين، عادًّا التنسيق الأمني "وصفة لتعميق الشرخ والانقسام بين أطياف الشعب".
وفي حديثه مع "فلسطين" شدد حمدان على ضرورة التزام السلطة بوقف التنسيق الأمني، في ظل استمرار جرائم الاحتلال عبر الإعدامات الميدانية ومصادرة الأراضي، داعيًا إياها للالتفاف حول خيار شعبها الداعم للمقاومة.
وأكد على ضرورة اللحمة بين أطياف الشعب لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من أجل مواجهة الاحتلال وجرائمه اليومية.
وكانت السلطة شاركت في الشهرين الماضيين في اجتماعي العقبة وشرم الشيخ اللذين بحثا الملف الأمني في سبيل حماية الاحتلال، الأمر الذي قوبل برفض وغضب فلسطيني واسع.
اقرأ أيضاً: تسريبات أمريكية: السلطة لم توقف التنسيق الأمني مع الاحتلال
وقال حمدان: إن "لقائي العقبة وشرم الشيخ الأخيرين كان لهما الأثر السلبي على الشعب الفلسطيني كونهما بحثا الملف الأمني وسبل استخدام السلطة في حماية الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني".
وأوضح أن الوعود التي خرجت من اللقاءين بتخفيف حدة المواجهة مع الاحتلال تلاشت فورًا، إذ أن الاحتلال زاد من جرائمه وتوسيع المستوطنات.
وأكد حمدان أنه يتوجب على السلطة التوقف عن نهج أوسلو في ظل تنصل الاحتلال من تلك الاتفاقيات.