"ما برجع على الموت".. كلمات حزينة ترافقها مشاعر القهر والألم صدحت بها حنجرة الشاب أحمد هريش، في أعقاب عودة مسلسل ملاحقته من أجهزة أمن السلطة في رام الله، منذ حوالي 14 يومًا، بهدف اعتقاله وزجّه في "مسلخ أريحا" مرّة أخرى.
في الثامن والعشرين من شهر مارس/ آذار الماضي، ومع دخول موعد الإفطار، داهمت قوّة من أجهزة السلطة منزل عائلة "هريش" بلا سابق إنذار، لاعتقال "أحمد" لكنه لم يكن حينها في المنزل، حيث كان يتناول طعام الإفطار في منزل عائلة زوجته.
لم تكتفِ مخابرات السلطة بذلك، بل بدأت بعدها في حملة مداهمات واقتحامات واسعة لمنازل أقارب "أحمد" ومكان عمل والده بحثًا عنه بُغية اعتقاله مرّة أخرى على الخلفية ذاتها "تفجير منجرة بيتونيا"، وفق ما تقول شقيقته أسماء هريش.
و"هريش" معتقل سياسي سابق أُفرج عنه قبل حوالي أربعة أشهر بعد اعتقال دام 156 يومًا، على خلفية ما باتت تُعرف بقضية "منجرة بيتونيا"، إذ تعرض للتعذيب خلال التحقيق معه في سجن أريحا، على مدار 35 يومًا في بداية فترة اعتقاله.
وجاء الإفراج عن "هريش" بقرار من محكمة بداية رام الله بكفالة مالية، بعد قرابة 47 يومًا من الإضراب عن الطعام الذي شرع فيه أحمد و4 من المعتقلين على القضية نفسها، بعد أن حولت النيابة قضيتهم أمام المحكمة إلى ملف جنائي.
تقول هريش لصحيفة "فلسطين"، إنّ شقيقها أحمد لم يعد للمنزل منذ 13 يومًا خشية اعتقاله مرّة أخرى من أجهزة مخابرات السلطة، مشيرةً إلى أنّ عائلتها لا تعلم مكان وجوده حتى الآن.
وتوضح أنّ مخابرات السلطة تداهم بيوت عائلتها وأقاربها منذ ذلك الوقت بحثًا عن أحمد، معربة عن خشيتها على شقيقها لكونه يعاني أوضاعًا صحية صعبة من جراء التعذيب الذي تعرض له خلال اعتقاله في "مسلخ أريحا".
واستهجنت ملاحقة شقيقها على خلفية انفجار منجرة بيتونيا"، رغم الإفراج عنه بعد ثبات براءته من هذه القضية، مضيفةً: "أحمد ترك البيت حتى لا يتم اعتقاله وتعذيبه مرّة أخرى في أريحا".
وأكدت أنّ شقيقها لا يقدر على السجود في الصلاة ويمشي بواسطة "عكاز"، حيث يعاني بسبب غضروف في الرقبة والظهر، وتشجنات في العضلات بين الحين والآخر، عدا عن حاجة إحدى ركبتيه لعملية "رنين مغناطيسي".
اقرأ أيضًا: أجهزة السلطة تواصل ملاحقة المعتقل السياسي السابق أحمد هريش وتهديد عائلته
وما يزيد القهر لدى العائلة، أنّ "أحمد" كان معتقلًا في سجون الاحتلال مدة خمس سنوات، وهو مُغيب عن مائدة الإفطار الرمضانية مع عائلته أكثر من تلك السنوات، "شهر رمضان الحالي هو الأول الذي يحضره أحمد بين عائلته وطفله كرم الذي وُلد ووالده في سجون السلطة".
وحمّلت هريش، مخابرات السلطة المسئولية عن حياة شقيقها أحمد وأي ضرر يقع عليه، منبّهةً إلى أنّ السلطة تعمل على شرعنة اعتقال شقيقها من خلال تحويل ملفه إلى جنائي رغم أنه يحمل أبعادًا سياسية.
وطالبت المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية بضرورة التدخل والضغط على السلطة لوقف ملاحقة شقيقها، لكونه مُعتقلًا سابقًا وتعرّض لتعذيب شديد.
وشددت على أنّ "الاعتقالات السياسية لم تتوقف طيلة العام الماضي، وازدادت وتيرتها أكثر هذا العام"، معتبرة هذه السياسة "جريمة قانونية وتجاوزا للأعراف الوطنية والاجتماعية".