فلسطين أون لاين

"أقصى حروفي".. خط عربي فلسطيني مستوحى من زخارف قبة الصخرة

...
زخارف ليندا
صيدا- غزة/ هدى الدلو:

تستوحي اللاجئة الفلسطينية ليندا أبو عرقوب من الزخارف المنقوشة على قبة الصخرة ملهمًا للأعمال الفنية لمشروعها "أقصى حروفي".

وتصف ليندا تلك الزخارف التي يعود تاريخها إلى زمن تأسيسها وبنائها في القرن السابع الميلاديّ، إذ بدأ الخليفة الأمويّ عبد الملك بن مروان ببنائها عام 685م وانتهى عام 691م، بالعمل الفني الساحر والآسر في ألوانه وأسلوبه الفني، "هذا الإبداع الذي يعبر عن هوية المكان ينطق بتاريخ المدينة، دفعني لتحويلها إلى خط عربي أقحمته عالم التصميم والديكور البيتي".

وليندا (27 عامًا) فلسطينية لاجئة من عكا، تعيش مع عائلتها في مدينة صيدا بلبنان، درست التصميم الغرافيكي وجعلت من زخارف قبة الصخرة عنوانًا لمشروعها "أقصى حروفي".

تقوم فكرة المشروع على المزج بين الزخرفة الفلسطينية والخط العربي، وكانت أبيات قصيدة هارون هاشم رشيد "إلى القدس" باكورة أعمالها، ومنها استوحت ليندا عنوان مشروع تخرجها وأسمته "إلى القدس"، وفيه عملت على إعادة كتابة الأبيات التي اختارتها من القصيدة بالخط الكوفي المزهر كخطوة أولى.

ومن كتاب نفائس الخط العربي اختارت ليندا الخط الكوفي المزهّر لتبدأ منه رحلة البحث والاستخراج، إذ عملت على تحويل الخط الكوفي المزهر إلى خط عربي خاص بها، وذلك بتبسيط الخط وتحويل الأحرف إلى أشكال هندسية إلى أن وصلت إلى هوية خطية أسمتها "أقصى حروفي".

وتبين أنها أطلقت عليه هذا الاسم لتعلقها بالمسجد الأقصى الذي لم تره يومًا وتتمنى أن تطأ أقدامها باحاته.

وتعتقد أن وجود خط عربي فلسطيني مستوحى من زخارف قبة الصخرة والتي تتزين بأشكال مختلفة من الزخارف البديعة في دقتها هو مدخل آخر للمقاومة والانتصار لهوية المكان بأسلوب مختلف.

وتعمل ليندا على تفكيك عينات من زخارف قبة الصخرة التي تتلون بألوان زاهية كالأزرق الفاتح واللون الذهبي المشع والتي تعود للعهد الأموي عبر صور تلتقط لها في المسجد الأقصى تستنبط منها كل التفاصيل الصغيرة، وبعدها تعمل على دمج الخط العربي بعينات من الزخارف الفلسطينية حتى تصل إلى النموذج الخطي.

وعن سبب اختيارها لهذه الفكرة تقول: "أردت تسليط الضوء على جانب جميل في القدس بعيدًا عما يعرفه الناس عن فلسطين وما تعانيه من الحرب والدمار، وبالتالي تعريف العالم بطبيعة الزخارف الموجودة في الأقصى، وتسليط الضوء على الجمال الكامن في وطني المحتل".

واحتاجت ليندا للوصول إلى خط "أقصى حروف" لما يزيد عن أربعة أشهر من العمل على جمع المعلومات والصور، والتصميم الجرافيكي ومن ثم التطبيق على أرض الواقع بالطباعة وإضافة الإكسسوارات.

غرس ثقافي

وتضيف: "المشروع عبارة عن المزج بين الزخرفة الفلسطينية والخط العربي… وخطوة لتطوير المشروع، إذ عملت على نقل هذه الزخارف الفلسطينية إلى الحياة اليومية بنقشها على إكسسوارات منزلية كنقش تلك الزخارف على الزجاج والصواني والأواني، وهو أسلوب يستهوي الكثيرين لاقتنائها؛ لما لها حضور في كل بيت عربي".

وترى أن هذه الطريقة من شأنها جعل فلسطين حاضرة في الذاكرة الشعبية اليومية وذاكرة الأجيال القادمة كيفما اتجهوا، ولتبقى محفورة في قلوب الفلسطينيين أينما وُجدوا.

وتعرف ليندا الخط الذي صممته بأنه خط عربي فلسطيني، مشيرةً إلى أن الفنّيين استخدموا ثلاثة ألوان رئيسيّة سيطرت على زخارف قبّة الصخرة، هي الأخضر والأزرق والذهبيّ، إضافة إلى مشتقّاتها وألوان أخرى ثانويّة.

ويبرز النمط الكتابيّ في لوحات الفسيفساء داخل قبّة الصخرة، إذ ثمّة شريطان كتابيّان بالخطّ الكوفيّ لآيات قرآنيّة، وكذلك إشارة إلى تاريخ المبنى، نُفِّذت باستخدام الفسيفساء المذهّبة على أرضيّة زرقاء. يبلغ طول الشريطين 240 مترًا، ويقعان في الجزء العلويّ للتثمينة الداخليّة (الأضلاع الثمانية) من الداخل والخارج، وتشير تلك الكتابات في مجملها إلى وحدانيّة الله وفق المنظور الإسلاميّ.

تمتاز الزخارف التي تتركّز على وجهي التثمينة الداخليّة أساسًا، بكونها نباتيّة، وهو ما يتوافق مع التوجّه الإسلاميّ العامّ الذي يبتعد عن تجسيد البشر والحيوان ويحرّم التماثيل، ما جعل الفنون الإسلاميّة تلجأ إلى النباتات. كما تعتمد على عناصر هندسيّة كالمربّعات والدوائر والإطارات، وتشمل المجوهرات بمختلف أشكالها، والصدفيّات، والمزهريّات.

وتحلم ليندا باليوم الذي ينتهي به الاحتلال وتتمكن من الوقوف أمام عظمة المسجد الأقصى والإبداع اللامتناهي في زخارفه، وتسعى عبر أعمالها وإبداع أناملها لتذكير من يحب اقتنائها بالقضية الفلسطينية.