شكّلت حالة الترابط بين المقاومة في مختلف الساحات داخل فلسطين وخارجها مرحلة جديدة من الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ يقول مراقبون إنها أخذت منعطفًا جديدًا أربك حسابات المنظومة الأمنية والعسكرية والسياسية وفاقم من أزمته الداخلية.
وشهدت الأيام الماضية جُملة من المتغيرات تجسّدت في دخول جبهات متعددة للقتال ضد دولة الاحتلال حينما أُطلق الخميس، قرابة 35 صاروخًا من جنوب لبنان، أعقبها إطلاق رشقات صاروخية من قطاع غزة باتجاه المستوطنات المحاذية للقطاع.
كما قُتلت مستوطنتان وأُصيبت ثالثة بجراح خطيرة في عملية إطلاق نار في الأغوار شمال شرقي الضفة الغربية المحتلة، في حين قُتل إسرائيلي وأُصيب 7 آخرون في عملية دهس بطولية في (تل أبيب) وسط فلسطين المحتلة.
"تراجع الردع"
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي رجائي الكركي، أنّ الفصائل الفلسطينية استطاعت التحكم بكرة اللهب كيفما تشاء، في حين أنّ حكومة الاحتلال المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو باتت عاجزة عن الرد كما السابق.
وقال الكركي لصحيفة "فلسطين": إنّ "حكومة الاحتلال باتت غير قادرة على رسم "إستراتيجية ردع حقيقية" للفصائل.
وبيّن أنّ رسائل المقاومة وحالة وحدة الساحات في فلسطين وخارجها باتت تشكل هاجسًا كبيرًا لدى المنظومة الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال، مشيرًا إلى أنّ صواريخ لبنان أثبتت أنّ هناك حالة من التناغم والترابط في الفعل المقاوم.
ولفت إلى أنّ حكومة الاحتلال الحالية تمر في أصعب مراحلها منذ تشكيلها، كونها تواجه تحديات عدّة، أبرزها أيديولوجية المتطرفين الذين يحاولون فرض طقوسهم التلمودية وتغيير الواقع في المسجد الأقصى.
والتحدي الثاني وفق الكركي، هو الأزمة الداخلية التي يعيشها الشارع الإسرائيلي في أعقاب ما يُسمى بـ "الإصلاحات القضائية" التي لاقت رفضًا كبيرًا.
أما التحدي الثالث وهو الأخطر، والكلام للكركي، هو تعدد الجبهات التي تواجهها دولة الاحتلال وهي "لبنان، وغزة والاحتقان في الأقصى"، التي شكّلت تحديًا كبيرًا لها.
ورأى أنّ "حالة الردع" لدى الاحتلال في حالة تراجع وتآكل كبيرين، مستدلًّا باقتصار رد جيش الاحتلال على إطلاق الصواريخ على أهداف محدودة في لبنان وغزة.
اقرأ أيضًا: مختصون: وحدة الساحات والجبهات ضرورة ملحّة في الصراع مع الاحتلال
واستبعد الكركي أن تُقدم (إسرائيل) على عملية عسكرية واسعة النطاق في الأيام القادمة، بل ربما تقدم على عملية بمستوى محدود لحفظ ماء وجهها أمام الشارع الإسرائيلي فقط.
انتصارات كبيرة
من جهته، رأى الباحث في الشأن الفلسطيني، أمين مصطفى، أنّ معادلة وحدة الساحات وتعدد الجبهات سيؤدي إلى تحقيق انتصارات كبيرة للمقاومة في المستقبل.
وقال مصطفى لصحيفة "فلسطين": إنّ الأحداث الميدانية التي وقعت خلال الأيام الماضية انعكست بشكل واضح على مسار القضية الفلسطينية بشكل عام والمسجد الأقصى تحديدًا في المرحلة الحالية.
وأضاف أنّ "الشعب الفلسطيني في كلّ مناطق تواجده مُوحد وأثبت أنه لا يمكن التساهل في موضوع القدس والأقصى ومستعد لتقديم التضحيات في سبيله"، مشيرًا إلى أنّ مقاومته تطورت بشكل واضح ولديها إمكانيات وجرأة ووضوح في الرؤية.
ولفت إلى أنّ "المقاومة الفلسطينية ستواصل بكلّ الإمكانيات هذا الطريق حتى يوقف العدو عدوانه على الأقصى والقدس وصولًا للتحرير"، معتبرًا أنّ المقاومة استطاعت إيصال رسالتها بشكل واضح لمنظومة الاحتلال العسكرية والأمنية.
وبحسب مصطفى، فإنّ هناك حالة إحباط إسرائيلي وشعور بأنّ مصير الاحتلال بات على المحك أمام شعب لا يمكن أن يتنازل عن حقوقه مهما كانت الصعوبات والظروف، معتبرًا رد الاحتلال المحدود وغير المتناسب مع حجم التهديدات التي أطلقها قادته على إطلاق الصواريخ "دليل على العجز والضعف".
وعدّ أنّ الرد الفلسطيني في القدس ولبنان وغزة والأغوار وغيرها من الجبهات "رسمت خطًّا واضحًا بأنّ الكيان لن يستمر طويلًا".