فلسطين أون لاين

 كبسولات فقهية

رخصة الفطر للمريض في رمضان

...
رخصة الفطر للمريض في رمضان
غزة/ ضحى حبيب:

أثبت القرآن الرخصة في الفطر للمريض والمسافر، رحمة من الله بعباده المؤمنين وتيسيرًا عليهم ورعاية لضعفهم قال تعالى: "مَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" (البقرة:185)، والمريض في الآية هو المريض الذي يرجى برؤه وفقًا لسنة الله تعالى في الأسباب والمسببات، أما المريض الذي لا يرجى برؤه فله أحكامٌ خاصة. 

والأمراض أنواع، فمنها "الساكنة" أو المتعايشة مع أصحابها، وهذه مما لا يباح معها الفطر لأن أغلب الناس لا يخلون من شيء يعتبره الطب الحديث مرضًا، ومنها الأمراض التي يكون الصوم علاجًا لها كالأمراض الناشئة عن السمنة والتخمة وكثرة الأكل. 

والمرض الموجب للرخصة هو الذي يسبب للصائم ألمًا ومشقة، أو يكون الصوم سببًا لزيادته أو تأخر الشفاء منه، ويعرف ذلك بأمر اثنين، بالتجربة كمن صام مع مرضه أيمًا فزادت مشقته، أو بإخبار طبيب مسلم ثقة في دينه وطبه. 

وذكر الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه "تيسير الفقه": "والفطر رخصة للمريض، ولكن لو تحامل على نفسه وصام أجزأه الصوم ولا قضاء عليه، غير أنه إذا شق عليه الصوم فليس من البر أن يصوم مع مرضه، بل ربما كانت الرخصة بالفطر في حق المريض أولى منها في حق المسافر". 

ونقل فتوى بعض الفقهاء مثل ابن سيرين من التابعين، بجواز الفطر لأي مرض كان مهما خف وصغر ولو كان وجع الإصبع، "وعلى المريض قضاء الأيام التي أفطرها بعد أن يتعافى لقوله تعالى: " فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ". 

ويلحق بالمريض الشيخ الكبير الذي وهن العظم منه وبلغ من الكبر عتيًا ويجهده الصوم ويلحق به مشقة شديدة ومثله المرأة العجوز التي أضعفها الكبر وحكمهما واحد بالإجماع، ويلحق بهما من ابتلي بمرض مزمن إذا لحقته بالصوم مشقة ظاهرة، ولا يرجى برؤه من مرضه والشفاء منه، وهؤلاء لا صوم عليهم بلا خلاف، ونقل الإجماع على ذلك الإمام ابن المنذر. 

ومما أجمع عليه أهل العلم أنه لا يشترط في إباحة الفطر لهؤلاء أن ينتهي أحدهم لحالة لا يمكنه الصوم معها، بل يباح لهم الفطر بغلبة الظن أن يلحقه بالصوم مشقة يصعب احتمالها. 

والدليل على إباحة الفطر قول الله تعالى: " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" (الحج:78)، وقوله تعالى: " يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" (البقرة:185). 

وقال القرضاوي: "إن الكبير وذو المرض المزمن لا يمكنهم القضاء، فالكبير لن يعود شابًا وذو المرض المزمن لا يشفى منه، لذا فإن عليها الفدية وهي إطعام مسكين". 

وذكر ما أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عباس كان يقرأ " وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ" فقال: "ليست منسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان عن كل يوم مسكينًا. 

وقدرت دار الإفتاء الفلسطينية العام الماضي مقدار الفدية بما لا يقل عن مقدار صدقة الفطر عن الشخص الواحد وهي 9 شواقل.