فلسطين أون لاين

أبو معمر: في "سيف القدس" تمركز القرار الوطني الفلسطيني حيث كانت قوته العسكرية

...
زكريا أبو معمر عضو المكتب السياسي لحركة حماس في غزة- أرشيف

قال زكريا أبو معمر عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" في غزة: إنّ "مبادرة غزة لمعركة سيف القدس-2021م- دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى ليس غريبًا، فقد تمركز القرار الوطني الفلسطيني حيث كانت قوته العسكرية، من الأردن في سبعينيات القرن الماضي إلى لبنان في ثمانينياته وصولًا إلى غزة اليوم. 

وأضاف في مقالة كتبها بمناسبة مرور عامين على المعركة، بعنوان "معركة سيف القدس: واقع جديد": إنّ"معركة سيف القدس كانت معركة شاملة امتلكت فيها المقاومة الفلسطينية زمام المبادرة، وبادأت العدو في توقيت حددته مسبقًا، في صورة من أعظم صور التحدي، وجعلت من قصف مدينة القدس المحتلة نقطة البداية، لتؤكد أنها تبدأ من أعلى سقف ممكن، وتحافظ عليه طيلة أيام المعركة العشرة".

وتابع: و"تميّزت هذه المعركة بتطورَين كبيرَين غير مسبوقَين، أولاهما: الأداء النوعي للمقاومة، وكثافة نيرانها، وتوسع دائرة استهدافها للعدو، وثانيهما مشاركة الشعب الفلسطيني في المعركة على امتداد أرض فلسطين التاريخية".

وأوضح أنه بانتهاء المعركة -وفورًا- نشأت إرادتان متناقضتان ، إرادة المقاومة الفلسطينية في استثمار نتائج معركة سيف القدس، والمراكمة عليها، بما يجعل سيف القدس محطة فاصلة، يتم البناء عليها نحو المزيد من إنجازات ومعادلات المقاومة، وإرادة الاحتلال وأطراف أخرى في إحباط نتائج سيف القدس، وفرض وقائع مُعاكِسة لما رسّخته هذه المعركة الخالدة كانت آخر فصول هذه الإرادة اللقاءات الأمنية التي عقدت مؤخرًا في العقبة وشرم الشيخ. 

واسترسل: "اليوم وبعد عامين مرّا على هذه المعركة، من رمضان عام 2021م  وحتى رمضان الحالي 2023م ، توالت الأحداث والتطورات بسيولة عالية تكاد تكون غير مسبوقة"، مشددًا أنّ "التاريخ الفلسطيني سجّل معركة سيف القدس كمحطة فاصلة وفارقة في سجل الصراع مع الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين".

اقرأ أيضًا: زكريا أبو معمر: طريق تحرير القدس وحيد وهو طريق الجهاد والمقاومة

وتابع: "ولعلّ المقاومة الفلسطينية قد أحسنت التوصيف والتقدير حين قالت بعد انتهاء المعركة بأيام قليلة على لسان قائد حماس في غزة يحيى السنوار : إنّ ما بعد معركة سيف القدس ليس كما قبلها، وهو ذات المعنى الذي أشار إليه رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في أكثر من مرة وبوضوح تام".

وأشار في مقالته إلى تسابق المحللين والكتّاب وأصحاب الرأي في تفسير هذه الجملة، ومضامينها، وما ترمي إليه، وظنّ البعض أنّ غزة -وفق هذا الشعار- ستندفع أمام كل عدوان على المسجد الأقصى نحو معركة عسكرية مع الاحتلال، واستغلّ البعض هذا الفهم ليزاود على المقاومة الفلسطينية، ويتخيل أنه يحرجها باستمرار هذا النهج من المزايدة والضغط الإعلامي، وما شابه.

ورأى أنّ "الكثيرين غفلواعن المعنى الأوسع والأشمل لما حققته معركة سيف القدس، وعن المضمون الأعمق لمرحلة ما بعد سيف القدس، والوقائع تثبت يومًا بعد يوم أنّ المشهد الفلسطيني العام منذ مايو عام 2021 م حتى اليوم، مختلف جذريًّا عما قبل، وبرصد التطورات والمستجدات كافة، نستطيع القول بكل اطمئنان، أنّ سيف القدس شكّلت نقطة ارتكاز، انبنى عليها كلّ الفعل الفلسطيني منذ ذلك الوقت إلى اليوم".

واستطرد: بل "لا نبالغ إن قلنا أنّ هذين العامَين حملا في طيّاتهما ما لم تحمله أعوام عديدة قبلهما، من حيث تصاعد المقاومة الفلسطينية في القدس والضفة المحتلة، ومن حيث الاحتضان الشعبي الواسع لها، ورعاية ودعم تشكيلاتها الناشئة في الضفة المحتلة، ومن حيث الحراك الوطني الواسع في الداخل المحتل، باعتبار قضية شعبنا هناك وطنية أكثر منها مطلبية، وها هو الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل يُمثّل أحد أهم عناوين حماية القدس والمسجد الأقصى المبارك". 

وقال: "لعل أعظم ما تحقق منذ سيف القدس إلى اليوم هو نجاح المقاومة الفلسطينية في فرض الأجندة الوطنية في مختلف الساحات، وعلى جميع الطاولات، وأصبحت قضية القدس، والمسجد الأقصى هما العنوان الرئيس الذي يتحرك شعبنا في ظلاله، وتتحرك الأمة وأحرار العالم لنصرته، بل إنّ المساس بالمسجد الأقصى وانتهاك قدسيته يُمثّل الصاعق الذي سيُفجّر كل الطاقات ويُفعّل كل الإمكانات".

وتساءل: "كم من رمضان جاء وراح قبل سيف القدس، ولم يكن رمضان رعبًا وتحدٍّ كما هو اليوم، بل ويتحرك العالم كله لتمريره بسلام!! وكم من مسيرة أعلام نظّمها الاحتلال قبل سيف القدس، ومرّت دون أن تتجنّد الدولة المزعومة كلها، بكل جيشها وسلاحها المتنوع لحماية هذه المسيرة عام 2022م؟".

وأضاف: "إنّ ما تُراكمه المقاومة الفلسطينية اليوم من معادلات، وما تفرضه من وقائع، لا يعني إلا أمرًا واحدًا وحيدًا، وهو أنّ المقاومة الفلسطينية تعي تمامًا ما تفعل، ورأسها يعمل بحكمة واقتدار ورؤية، لتصبح المقاومة تيارًا راسخًا وأجسامًا قوية يعمل فيها كل فلسطيني بين النهر والبحر، إضافة إلى إمكانية توحُّد جبهات أخرى مع الجبهة الفلسطينية، ويدعم ويسند هذا الملايين من شعبنا في الشتات، وكل المخلصين في الأمتين العربية والإسلامية، وكل حرٍّ في هذا العالم".

ونبّه إلى أنه "إذا ما أضفنا إلى هذا كله ما قاله القائد العام لكتائب القسام محمد ضيف يوم 14-12-2022م خلال المهرجان المركزي لحركة حماس في ذكرى انطلاقتها حول توحُّد الرايات، والتئام الجبهات، وفتح الساحات، يؤشر بشكل جليّ وواضح حول الإستراتيجية التي تعتمدها المقاومة، وتُراكم على طريق إنجازها وتفعيلها، وتتحمل في سبيل ذلك الكثير، مطمئنة واثقة بسلامة المسير والمسار".

وأكد أنها "مهمة عظيمة تستحق الصبر عليها، والتخطيط الهادئ المُحكم لإنجازها، دون تسرُّع، أو اندفاع، أو تباطؤ إذا وقعت الواقعة، والمقاومة الفلسطينية ليست في محل اختبار ، فقد صدق وعدها دومًا، وقادتها يعرفون أنّ ثقة جماهير شعبنا وأمتنا فيهم لا حدود لها، وأنّ التفويض الممنوح لهم بإدارة المعركة مع الكيان الغاصب كبير وعظيم".

وتابع: "لقد أثبتت الأيام أنّ المقاومة الفلسطينية عصيّة على الاحتواء، عسيرة الهضم، لا تتحول ولا تتبدل عن وجهتها، تعي أنه قد آن الأون لاستغلال الفرص المتاحة في البيئات المختلفة، الفلسطينية والإقليمية، والصهيونية، والدولية، نحو أوسع انطلاق لمقاومة أو معركة شاملة تعمُّ فلسطين من نهرها إلى بحرها، تكون القدس والضفة المحتلة في قلبها، باعتبار القدس مركز الصراع، وعنوان وحدة الشعب الفلسطيني والأمة جمعاء، وباعتبار الضفة المحتلة ساحة الصراع الإستراتيجية".

وبيّن أنه "في ظل مخططات الحكومة الصهيونية الفاشية، وما سبقها من حكومات، تعتمد كلها ذات السياسة، في أنّ الضفة المحتلة أرض صهيونية، لا مجال لنشوء أية كيانية فلسطينية فيها، سوى سلطة هزيلة، أقصى ما يمكن أن تؤديه وظائف بلدية وخدماتية وأمنية، دون أيّ أفق سياسي، ولم يعد هذا الأمر مبهمًا أمام أحد".

وعبّر عن مدى ثقة الشعب الفلسطيني بمقاومته، عبر القول: "بعد عامين من سيف القدس، ومع كل التطورات الحاصلة في المشهد الفلسطيني ومع ملاحظة سياسة المقاومة الفلسطينية، ومنهجيتها في إدارة الصراع حاليًّا، نستطيع القول بكل وضوح وثقة واطمئنان أنّ شعبنا الفلسطيني، ومقاومته الباسلة، وفي القلب منها غزة - التي تفتخر بقيادتها لمشروع المقاومة".

وأضاف: "ولهذه الإستراتيجية العظيمة- نجحت أيّما نجاح في تجميع شعبنا وتحشيده خلف قضاياه الوطنية الكبرى، بعيدًا عن سراب التسوية السياسية المزعومة، وراكمت على صعيد تبنّي شعبنا لمشروع المقاومة، وثقته به، وانخراطه فيه، أيّما مراكمة، ولا يضيرها ولا يضرها، بل يسعدها ويسرُّها أن تتوجّه مطالبات شعبنا لها بالتحرك عند كل خطب، فما هذا إلا تأكيد على ثقة الشعب بخيار المقاومة، وبوجود سيف ودرع يحميه، يثق في قدرته على ردع العدو وإيذائه".

وختم بالقول: "ستستمر المقاومة الفلسطينية في ذات النهج والخط، وستُفاجئ العدو بما لا يتوقعه ولا يحسبه، وما هو إلا زمن قصير حتى ينطلق شعبنا، في ثورة شاملة عارمة، يشارك فيها كلّ فلسطيني بين الماءين في مقدمتهم جيشهُ في غزة، ومن كل مكان خارج فلسطين، كلٌّ بما يملك ويستطيع، لتحترق الأرض من تحت أقدام الغزاة، ولتكون سيف القدس صورة مصغرة عمّا سيحدث بعدها، ولتؤكد الأيام والأحداث أنّ ما بعد سيف القدس ليس كما قبلها برؤية شاملة للصراع، تتجهز اليوم للدخول في مرحلة حصد النتائج وفرض الوقائع على الأرض، والأيام كاشفة".

المصدر / فلسطين أون لاين