فلسطين أون لاين

عراقيل الاحتلال وضعف القوانين وانخفاض التسهيلات أبرز القيود

تقرير الاستثمار في مشاريع إستراتيجية كبرى ضرورة لزيادة النمو الاقتصادي

...
الاستثمار في مشاريع إستراتيجية كبرى ضرورة لزيادة النمو الاقتصادي
غزة/ رامي رمانة:

يُعد الاستثمار أحد المحركات الأساسية للاستقرار الاقتصادي في أي دولة، غير أن الواقع في فلسطين مغاير، فيرى مراقبون اقتصاديون أن ثمة قيودًا تعترض التوسع في دائرة الاستثمار، مثل تشوهات هيكلية في الاقتصاد، وانعدام الاستقرار السياسي، ووجود نظام مالي متعدد العملات، وانخفاض التسهيلات الائتمانية وضعف مصادر التمويل.

ودعوا إلى إيجاد بيئة استثمارية جاذبة، لتشجيع المستثمر الفلسطيني على زيادة استثمارات محلياً، وجذب الاستثمارات الخارجية، لا سيما في المشاريع الإستراتيجية الكبرى كإنشاء محطات طاقة، ومشاريع تحلية، وتعزيز الإنتاج الزراعي والصناعي، مؤكدين أهمية توفير بيئة قانونية وتشريعية ناظمة وآمنة.

يقول الاختصاصي الاقتصادي د. ثابت أبو الروس إن فلسطين تصنَّف من الدول التي بها حجم مخاطرة استثمارية عالية، بسبب التعقيدات الاقتصادية، وارتفاع التضخم والبطالة.

وأشار أبو الروس في حديثه مع صحيفة "فلسطين" إلى تقارير رسمية تبين أن حجم رأس المال الفلسطيني الذي يبحث عن استثمار في الخارج في زيادة، سواء أكان ذلك المال لمؤسسات بنكية، خدماتية، أفراد، وغير ذلك.

وأكد أن المستثمر لا يُركز على المنطقة الجغرافية، بقدر ما يركز على الإيرادات والنتائج المحققة من وراء الاستثمار.

اقرأ أيضًا: اقتصاديون: هيمنة الاحتلال وضعف برامج السلطة شوَّهت الاقتصاد الوطني

ودلل المحلل الاقتصادي، على أن الاستقرار الشاغل الأول للمستثمر، بـ"ما حدث في دولة الاحتلال بهروب ما لا يقل عن 6 مليارات دولار خلال الشهر المنصرم نتيجة الظروف السياسية ومحاولات أضعاف القضاء".

ورأى أن فلسطين تأخذ دورًا متأخرًا بين الدول المشجعة للاستثمار.

ونبه إلى أن اتفاقية باريس الاقتصادية تضع قيودًا مشددة، ولا بد من الضغط دوليًّا على سلطات الاحتلال لتغيير بنودها بما يوائم الوضع الفلسطيني.

وأشار أبو الروس إلى ضعف الاستثمار العربي والإقليمي في فلسطين، وأنه يقتصر فقط على القطاع البنكي والخدماتي، في حينه أنه يكاد معدومًا في القطاع الإنتاجي الزراعي والصناعي.

وقال إن ثمة قواعد يأخذها المستثمر في الاعتبار عندما يفكر الاستثمار في أي دولة، "البيئة التشريعية الناظمة للأعمال، البيئة السياسية، المحفزات الاقتصادية، وتصنيف الدولة في الأمان الاقتصادي".

وأضاف: "وفي الحالة الفلسطينية نجد أن البيئة السياسية يشوبها الضبابية في ظل تعنت حكومة الاحتلال، والبيئة القانونية غير محفزة، كما أن المستثمر ينظر إلى فلسطين على أنها سوق استثماري صغير".

ولفت أبو الروس إلى أن هناك مجالات واسعة يمكن الاستثمار بها في فلسطين، مثل القطاع الزراعي "النباتي والحيواني والثروة السمكية"، صناعة الحجر والرخام، الملابس والنسيج، القطاع الفندقي والسياحي، والتكنولوجيا المعلوماتية وغير ذلك.

وحسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة النقد، فإن استثمارات المقيمين داخل فلسطين بالخارج تفوق الاستثمارات الأجنبية داخل فلسطين بنحو 3.3 مليارات دولار في نهاية الربع الثالث 2022.

وحسب النتائج فقد بلغ إجمالي أرصدة أصول الاقتصاد الفلسطيني المستثمرين في الخارج 9.450 مليار دولار، موزعة بين استثمار أجنبي مباشر بنسبة 3% واستثمارات حافظة 17% واستثمارات أخرى 69% وأصول احتياطية 11%.

اقرأ أيضًا: الاقتصاد الفلسطيني بين النمو والانكماش في العام الجديد

في المقابل، بلغ إجمالي أرصدة الخصوم الأجنبية المعروفة بالالتزامات، على الاقتصاد الفلسطيني (أرصدة غير المقيمين المستثمرة في فلسطين) حوالي 6.090 مليارات دولار أمريكي، توزعت بين استثمار أجنبي مباشر بنسبة 49% واستثمارات حافظة 15% واستثمارات أخرى (أهمها القروض والودائع من الخارجي) بحوالي 36% أما المستوى القطاعي، شكلت الاستثمارات الأجنبية في قطاع البنوك حوالي 36% من إجمالي الخصوم الأجنبية على الاقتصاد الفلسطيني.

"عثرة أمام التوسع"

من جهته، انتقد مدير مكتب بال تريد بغزة محمد سكيك، انخفاض التسهيلات الائتمانية وضعف مصادر التمويل في سبيل تشجيع الاستثمار داخل فلسطين.

وقال سكيك لصحيفة "فلسطين" إن إجمالي التسهيلات البنكية المقدمة للاستثمار في فلسطين أقل من الدول الأخرى، وهذا يقف عثرة أمام التوسع في الاستثمار.

ولفت سكيك إلى أنه على النطاق الجغرافي، فأن نصيب الضفة الغربية من التسهيلات البنكية والائتمانية أكبر من قطاع غزة سواء من حيث حجم الأموال المقدمة وفترة السداد والإجراءات المطلوبة للحصول على التمويل.

وأشار سكيك إلى أن الحروب العدوانية المتعددة التي تعرض لها قطاع غزة أنهكت اقتصاده، وشكلت عامل طرد للمستثمرين نحو الخارج، مؤكدًا ضرورة موائمة وتطوير القوانين بما يشجع على الاستثمار.

من جهته قال خبير تطوير الأعمال أحمد الحسنات: "من أبرز التحديات التي لا تزال تواجه الاقتصاد الفلسطيني وتعيق الاستثمار، استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، إضافة إلى تعدد الأنظمة المالية متعددة العملات، إضافة إلى الأثر السلبي للقيود التي تفرضها سلطات الاحتلال على ثقة المستثمرين، وعدم قدرة القطاع الخاص على النهوض بالاقتصاد في ظل ضعف القطاع العام، ناهيك عن ضعف حركة التبادل التجاري.

وأضاف الحسنات لصحيفة "فلسطين" تحاول المؤسسات الوطنية والحكومية النهوض بمجال الاستثمار إلا أن هذه المحاولات متواضعة نظرًا للقيود التي يضعها الاحتلال وإعدامه لأي فرصة يمكن أن تكون سببًا في نهوض الواقع الاقتصادي.

وتابع: "ولا يخفى على الجميع أن فلسطين بموقعها الإستراتيجي، وتمتعها بفرص استثمارية غير مستثمرة في مختلف القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى حقيقة أن الاقتصاد الفلسطيني قائم على القطاع الخاص (حيث تبلغ مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي حوالي 80%) كلها عوامل تجعل من فلسطين مكانًا مميزًا وذا إمكانيات كبيرة للاستثمار، مشروطة بتكاتف المؤسسات المختصة للتشجيع والاحتضان وأن تكون صمام أمان لعدم استغلال الشباب الفلسطيني وبيع الاستثمارات الوهمية.