انتعشت الحركة التجارية جزئيًا في البلدة القديمة بالقدس المحتلة في الأسبوع الأول من شهر رمضان، بالرغم من عراقيل الاحتلال الإسرائيلي أمام التجار والمتسوقين على حد سواء تحت ذرائع أمنية واهية.

ويجد الباعة والتجار في الشهر الفضيل، فرصة للتكسب في ظل الواقع الاقتصادي الصعب المحدق بهم، والضرائب الإسرائيلية المرتفعة التي أشدها ضريبة المسقوفات المعروفة بـ"الأرنونا".

ويعد المقدسيون في زيارة الفلسطينيين من الداخل المحتل والضفة الغربية وقطاع غزة لمدينة القدس، فرصة جيدة للإقبال على شراء سلعهم خاصة الغذائية والحلويات والهدايا التذكارية وبعض الملبوسات.

وحسب رئيس لجنة تجار القدس حجازي الرشق، يتركز الثقل التجاري في شهر رمضان في مناطق باب العمود، وباب الواد، وسوق خان الزيت، وسوق العطارين.

ويوضح الرشق لصحيفة "فلسطين" أن الإقبال المرتفع يتجه في أول الشهر لاقتناء المتسوقين المواد الغذائية، وفي منتصف الشهر يتحول الإقبال إلى شراء الملابس والأحذية، وفي الأيام الثلاثة الأخيرة من الشهر يتجه صعود الحركة الشرائية إلى الفواكه والسكاكر والمكسرات استعدادًا لعيد الفطر.

ويبين أن تحديد سلطات الاحتلال أعمار المسموح لهم الوصول إلى القدس المحتلة يضعف ارتياد الأسواق المقدسية.

ويشير الرشق إلى وصول عدد المحال التجارية المغلقة في البلدة القديمة إلى 352 محلًا من أصل 2000 محل، لأسباب اقتصادية جلها تتركز في عدم قدرة أصحابها على مجاراة الارتفاع في الضرائب، وضعف القدرة الشرائية، وتضييقات إسرائيلية أخرى.

اقرأ أيضًا: خاطر: الاحتلال يتعمد سلوك سياسة التدمير الاقتصادي لأسواق القدس

ويدعو السلطة إلى بذل جهود مشتركة مع القطاع الخاص والنقابات والمؤسسات لمساعدة التجار المتعثرين في إعادة فتح محالهم التجارية، وتنفيذ برامج لاستعادة أسواق البلدة القديمة إلى سابق قوتها، والتصدي لمحاولات الاحتلال في تهويد البلدة القديمة بتشجيع السياحة للبلدة.

وأسواق القدس هي شوارع صغيرة على جوانبها محال تعتليها منازل مقببة الأسقف، وعلى نوافذها مشربيات خشبية، وفي كل شارع طويل تستقر محال تجارية تبيع النوع نفسه من البضائع.

ويعود تاريخ هذه الأسواق إلى ما قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، حيث بنيت في عهود إسلامية مختلفة، وحدِّثت في العهود الإسلامية المتتالية، وبقيت حتى سقوط المدينة كاملة تحت الاحتلال الإسرائيلي حيث طمس بعضها، وبني "الحي اليهودي".

ومن أشهر أسواق القدس: سوق العطارين واللحامين، وباب القطانين، وسوق الحصر، والبازار، وباب السلسلة والخواجات، وباب خان الزيت وغيرها.

مضايقات

يقول بائع المواد الغذائية في البلدة القديمة، خليل صندوقة: إن حركة البيع في الأيام الاعتيادية شحيحة، ونجد في شهر رمضان فرصة جيدة لتحقيق بعض المكاسب المالية ومع ذلك فإن الاحتلال لا يجعلنا نواصل عملية البيع والشراء، فهو يمارس شتى أنواع المضايقات لصرفنا عن مدينة القدس سواء بالضرائب أو بمنع البناء والتوسع للمحال التجارية وغير ذلك.

ويبين صندوقة لصحيفة "فلسطين" أن التجار المقدسيين يواجهون تحديات عديدة، منها ضريبة الأرنونا، وارتفاع فواتير الكهرباء والماء.

ويشير إلى أن سلطات الاحتلال تضع عراقيل أمام المركبات التي تحمل البضائع في الدخول إلى الأسواق الداخلية لنقل البضائع إلى المحال هناك، ما يزيد من التكلفة المالية.

من جهته يوضح بائع الملابس عمار أبو سنينة، أنهم يواجهون منافسة شرسة من التجار الإسرائيليين الذي يحاولون بمساعدة الوكالات اليهودية جذب "السياح" إلى الأسواق الإسرائيلية.

اقرأ أيضًا: مسؤول: الاحتلال ينفذ خطة لتقويض اقتصاد القدس وإفقار سكانها

ويبين أبو سنينة لصحيفة "فلسطين" أن سلطات الاحتلال تقدم للتجار الإسرائيليين تسهيلات اقتصادية ومالية في حين أنها تضيق عليهم الحركة التجارية، لأنها ترغب في تهجيرهم من أماكنهم والهيمنة عليها.

ويدعو السلطة إلى تخصيص جزء من الإيرادات التي تتحصل عليها، ومن المساعدات الدولية لإعانه أهالي القدس إذ إن معدلات الفقر والبطالة مرتفعة في أوساطهم، إلى جانب أن يكون لمؤسسات حقوق الإنسان دور واضح في فضح وتعرية ما يمارسه الاحتلال بحق مدينة القدس وسكانها الفلسطينيين.

من جهته يشير الباحث في شؤون القدس، حسن خاطر، إلى أن معدلات الفقر تسجل في المجتمع المقدسي (80%) حسب المعايير الإسرائيلية، وهي نسبة عالية جدًا، وتستدعي التوقف أمامها، مبينًا في تصريح سابق لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال يستخدم عدة أدوات في نشر الفقر في القدس، منها الحصار المشدد على المدينة المقدسة وعزلها عن عمقها العربي ببناء الجدار الفصل العنصري حولها، ثانيًا: عسكرة مدينة القدس حيث أن التكثيف العسكري في الشوارع والطرقات وفي الأسواق تخلق حالة من الهلع لدى المقدسيين والزائرين وعدم شعورهم بالراحة أثناء التسوق.

ومن الأدوات كذلك -وفق خاطر- الضرائب التي تفرضها سلطات الاحتلال، إذ إن المقدسي ملزم بدفع أكثر من 14 نوعًا من الضرائب، أشدها فتكًا ضريبة المسقوفات "الأرنونا".