فلسطين أون لاين

​في غزة.. صيد وفير وإقبال شحيح

...
صيادون في ميناء غزة البحري (تصوير/ ياسر فتحي)
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

على لوح خشبي يعرض البائع إبراهيم أبو حصيرة أصنافًا متعددة من رزق البحر، محاولًا تسويقها للمواطنين الغزيين بأسعار تضمن له عدم الخسارة فقط، ولكن دون جدوى.

وبعد أن فرغ أبو حصيرة (38 عاماً) من رش الماء البارد على الأسماك التي تنوعت ما بين الغزلان والسردين والجمبري والفريدي بجانب الطرخون والسلطعونات، وذلك خشية فسادها في ظل ارتفاع دراجات الحرارة، قال لصحيفة "فلسطين": "هذه أول مرة نصطاد كل هذا السمك خلال هذه السنة".

ويضيف أبو حصيرة، الذي قضى قرابة العقد يعمل صيادًا للسمك وبائعًا له في سوق "الحسبة" الملاصقة لمرفأ الصيادين الرئيس غرب مدينة غزة: "رغم تلك الوفرة النوعية وانخفاض أسعار البيع بما يناسب الأوضاع المعيشية السائدة داخل القطاع الساحلي، إلا أن نسبة العرض والطلب ضعيفة".

وتختلف أسعار الأسماك المعروضة داخل "الحسبة" وفقًا لأصنافها وحجم الكميات المتوفرة، فتبدأ الأسعار من قرابة 15 شيقلًا لكل كيلو جرام من سمك السردين ثم ترتفع إلى نحو 50 شيقلًا لكل كيلو جرام من الجمبري، بينما يباع الكيلو الجرام الواحد من سمك اللوكس بما لا يقل عن 80 شيقلًا، (الدولار يعادل 3.51 شواقل).

ويرجع أبو حصيرة سبب ضعف الإقبال إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تحد من القدرات المالية لشريحة واسعة من المواطنين، وتحديدًا بعد انقضاء عيد الأضحى المبارك وموسم المدارس وفي ظل عدم استلام الموظفين دفعات جديدة من رواتبهم الشهرية، متوقعًا أن تبقى الأسعار منخفضة حتى نهاية الشهر الجاري.

ويقول صائدو أسماك تحدثوا لصحيفة "فلسطين": إن نسبة الإقبال على شراء ما يصطادونه لا تزال ضعيفة ولا تتجاوز الـ40% في أحسن الأحوال.

لكن الصياد وبائع الأسماك محمود أبو ريالة، يربط ضعف عمليات الشراء بأزمة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة إلى جانب الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي ضربت قطاع غزة الساحلي بفعل رزمة العقوبات التي اتخذها عباس في مطلع نيسان/ أبريل الماضي.

ليس ذلك فحسب بل يوضح أبو ريالة أن شريحة من المواطنين يسألون عن مكان صيد تلك الأسماك، وهل كانت عملية الصيد في مناطق ضخ المياه العادمة!

ومنذ الربيع الماضي تضخ مياه الصرف الصحي في بحر غزة بعدما أعلنت الهيئات المحلية (البلديات) عجزها عن تشغيل محطات المعالجة بفعل استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي.

وتفاقمت أزمة انقطاع الكهرباء بعدما رفضت حكومة الحمد الله توريد الوقود الخاص بمحطة توليد الكهرباء دون ضريبة وتقليص سلطات الاحتلال هذا الصيف إمدادات الكهرباء لغزة بطلب من رئيس السلطة محمود عباس.

ويقسم أبو ريالة لزبائنه بأن تلك الأسماك تم اصطيادها من عمق البحر لكن كثيرًا منهم يقوم بشراء كمية محدودة من السمك تكفي لوجبة واحدة فقط وفق ما يقول.

ويشير الصياد الثلاثيني إلى أن أزمة الكهرباء تدفع بالصيادين إلى شراء كميات كبيرة من الثلج لحفظ الأسماك من الفساد بفعل ارتفاع دراجات الحرارة نظراً لعدم توفر كهرباء لتشغيل ثلاجات التبريد في الحسبة.

وفي مطلع شهر مايو/أيار الماضي سمح الاحتلال لصيادي غزة، بالدخول إلى منطقة التسعة أميال البحرية بدءاً من منطقة وادي غزة وسط قطاع حتى مدينة رفح جنوبًا.

لكن الصياد أشرف الهسي (42 عامًا) الذي يعيل عشرة أفراد يقول: إن الاعتداءات الإسرائيلية تأخذ منحى متصاعدًا منذ عدة أشهر، فتبدأ بإطلاق حول المركب وتدميره وتنتهي بإطلاق الرصاص الحي على الصيادين بشكل مباشر.

ويبين الهسي لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يعلن في الإعلام عن سماحه للصيادين بالعمل في نطاق 6 أميال بحرية وأحيانا تسعة أميال ولكن على أرض الواقع جنود بحرية الاحتلال يفرضون حصارًا مشددًا ويسمحون بالصيد في نطاق خمسة أميال، ولكن اعتداءاتهم لا تتقيد بوقت أو مساحة.

وتقلصت أعداد الصيادين الغزيين تدريجيًا منذ عام 2000، من نحو عشرة آلاف صياد إلى قرابة أربعة آلاف، ويتوزعون على ست مناطق صيد تفتقر إلى أدنى مقومات الصيد البحري، وهي شاطئ مدينة غزة والنصيرات ودير البلح وخان يونس ورفح وشمال القطاع.

ونصت اتفاقية أوسلو، التي وقعت بين السلطة والاحتلال عام 1993، على السماح للصيادين بالعمل في مساحة 20 ميلًا بحريًا، التي يتوفر فيها الصيد الوفير.