في صبيحة اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك فاجأني رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد إسماعيل هنية باتصال هاتفي، فتبادلنا التحيات والتهنئة بالعيد، وعلمت حينها مدى اهتمام قيادة الحركة بأصحاب الرأي والأقلام الحرة بغض النظر عن انتماءاتهم وأفكارهم حتى أماكن وجودهم، مع الأعباء والظروف التي يمرون بها.
لم أستطع تفويت الفرصة مع عدم ملاءمة الظروف للحديث في السياسة، فتوجهت إليه بسؤال وحيد رد عليه باختصار مفيد، سألته: أين تتجه الأوضاع في غزة؟، رد السيد إسماعيل هنية قائلًا ما مفاده: نحن في حماس نبذل جهودًا على ثلاثة محاور: مصر والسلطة والتهدئة مع العدو الإسرائيلي، فنعمل على تعزيز علاقاتنا مع أشقائنا في مصر، وأيضًا نسعى إلى التواصل مع السلطة الفلسطينية لتذليل العقبات وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية، وأيضًا نعمل على تثبيت التهدئة مع العدو الإسرائيلي.
كلام السيد هنية كان فيه الكثير من التفاؤل، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع مصر والسلطة الفلسطينية، ولكنه لم يتوسع في الحديث عن المحور الثالث والمتعلق بالعدو الإسرائيلي.
زيارة وفد حماس برئاسة هنية إلى القاهرة تؤكد أن الحركة أحدثت تحولًا ملموسًا في العلاقة مع الأشقاء بمصر، وهذا أمر نتمنى أن يكون فيه خير لقطاع غزة، ولا نرى فيه أي إضرار بأي طرف فلسطيني، وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الوطنية، حماس لا تبحث عن الشرعية والتمثيل؛ فهذه أشياء تأتي بصناديق الاقتراع والالتصاق بثوابت الشعب الفلسطيني، ولكنها تسعى إلى تخفيف الحصار عن غزة، وهذه أولوية مشروعة ومقدمة على باقي الحسابات الفصائلية، والأصل أن تتضافر جهود الفصائل لتحقيق هذا الهدف.
تصريحات يحيى السنوار مسؤول حماس في قطاع غزة تشير إلى ليونة في التعاطي مع شروط الرئاسة لتحقيق المصالحة الداخلية، ولكنها مشوبة ببعض المخاوف، وهنا أقول _وأتمنى أن أكون محقًّا_ إنه لا يوجد مبررات قوية لتلك المخاوف فيما يخص حل اللجنة الإدارية، فإن تحقق ذلك فسيكون هناك اختراق وتخطي للعقبات تجاه تحقيق المصالحة، وإلا فإنها ستضع الكرة في ملعب السلطة.
السيد هنية لم يفصل في حديثه عن التهدئة مع العدو، لأنها ليست مفروضة على المقاومة لتلتزم بها دون مقابل، بل هي مرتبطة بتصرف العدو وخروقاته وانتهاكاته، وأيضًا إن استمرار الحصار وتفاقم الأوضاع في غزة يهددان استمرار التهدئة وثباتها، لأنها في الأصل تووفق عليها مقدمة لتحقيق مطالب للمقاومة فرضتها نتائج العدوان الأخير على قطاع غزة ولابد من تحقيقها.