في شهر الطاعات الذي يلتمس فيه المسلمون صالح الأعمال ابتغاء مرضات الله، نضع بين يدي القارئ الكريم سننًا منسيّة، ومستحبات ومتروكات في هذا الزمان. والسنن المهجورة ليست على منزلة واحدة، فما كان من السنن المؤكّدة وما واظب عليه النبي ليس في قوة ما لم يواظب عليه، غير أن من الحكمة نشر هذه السنن التي لا يعلم عنها كثير من عوام الناس.
الدعاء بعد الأذان مباشرة:
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو أَن رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ الله إِن الْمُؤَذنِينَ يَفْضُلُونَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قُلْ كَمَا يَقُولُونَ، فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ".
قال الشيخ عبد المحسن العباد "حفظه الله": يعني تابع المؤذن فيما يقول، واذكر الذي يقول، ويستثنى من ذلك "حي على الصلاة"، "حي على الفلاح"، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقوله: "فإذا انتهيت فسل تعطه" يدل على أن الدعاء بعد الأذان من الدعاء الذي يجاب، ولهذا قال: "فسل تعطه" يعني: يسأل الله حاجته وما يريد، فهذا يفيد أنه من مواطن قبول الدعاء.
الدعاء بين الأذان والإقامة:
عن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اَلدُّعَاءُ بَيْنَ اَلْأَذَانِ وَالْإْقَامَةِ لَا يُرَدُّ". وزاد بعضهم: "فادعوا".
ذكر مع الأذان:
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذنَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَن مُحَمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمدٍ رَسُولاً وَبِالْإِسْلاَمِ دِينًا غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ".
رجح الإمام النووي رحمه الله، أن ذلك يقال مباشرة في أثناء الأذان، بعد الشهادتين، حيث قال: "وفيه أنه يستحب أن يقول بعد قوله الشهادتين: وأنا أشهد أن محمدًا رسول الله، رضيت بالله ربًّا، وبمحمد رسولًا، وبالْإسلام دينا.
الصلاة على النبي بعد الأذان:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُم صَلُّوا عَلَيّ فَإِنهُ مَنْ صَلى عَلَيّ صَلاَةً صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً".
تثنية التكبير في الأذان:
عنْ أَبي مَحْذُورَةَ رضي الله عنه أَن نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلمَهُ هَذَا الأَذَانَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَن مُحَمدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَن مُحَمدًا رَسُولُ اللَّه".
والناظر في الأحاديث النبوية يرى أن أكثر الروايات جاءت في تربيع التكبير، وهو الذي ينبغي أن يُفعل غالبًا، وأما هذه الرواية فيُسن أن يُعمل بها أحيانًا، من باب إحياء السنة، وبهذا يُجمع بين الروايات. والله تعالى أعلم.