ماذا يعني قرار برلمان المستعمرة إلغاء قراره السابق الصادر عام 2005 إزالة أربع مستعمرات: غانيم، كاديم، حوميش وسانور، من مناطق مختلفة شمال الضفة الفلسطينية، وشرعنة إعادة بنائها وعودة المستوطنين المستعمرين لها، وفق شروط اتفاق الائتلاف بين الأحزاب الأربعة المشاركة في تشكيل حكومة نتنياهو؟
ماذا يعني قرار الكنيست الصادر يوم الثلاثاء 21 آذار مارس 2023، أي بعد يوم واحد فقط من اجتماع شرم الشيخ الخُماسي؟
إنه يعني كما قال "بن غفير" في وصفه لقرارات العقبة، أنها لن تصل إلى فلسطين وستبقى بالعقبة، وعليه إن قرارات شرم الشيخ كما هي قرارات العقبة ستبقى خارج فلسطين، لا تعنيهم، لا يلتزمون بها، مجرد حكي، لا يساوي تعب السفر، وتحمل قوة المعارضة الفلسطينية والأردنية والعربية بسبب مشاركة الحكومات، في مثل هذه الاجتماعات واللقاءات مع ممثلي المستعمرة من أمنيين وسياسيين.
إنها تعني أن نتنياهو رئيس الحكومة مع هذه التوجهات التوسعية الاستعمارية، وهو كذلك، أو أنه يرضخ لابتزاز من هم أكثر تطرفاً ووضوحاً من ألاعيبه وأكاذيبه.
إنها تعني خرقا فاضحا مباشرا لتوجهات العقبة وشرم الشيخ، وأن رهان المشاركين من الأطراف الأربعة: الولايات المتحدة وفلسطين والأردن ومصر، ليس في مكانه، ليس في موقعها، وأن الوقت والظرف السياسي والمعطيات السائدة غير ملائمة في الرهان على مواقف المستعمرة وحكومتها، في أي تغيير مطلوب أو متوقع.
الفاعلون من قادة المستعمرة، في حكومة الائتلاف الرباعية، هم أصحاب القرار، ولسان حالهم يقول لبعضهم البعض، اذهبوا أينما تذهبون، قولوا ما تقولون، ولكننا نحن الذين نفعل ونقرر، ما نقوله هو القرار، والقرار: لا تهدئة، لا وقف استيطان.
الطريف في التعبير أن قراري العقبة وشرم الشيخ ينصان على عدم مناقشة الحكومة لتشريع مستوطنات جديدة لعدة أشهر، فجاء قرار الكنيست لتشريع أربع مستوطنات فعلا وقرارا مُلزما، وليس فقط مناقشة قرار، وممن هذا القرار؟ من أحزاب الحكومة المشاركة في اجتماعي العقبة وشرم الشيخ، وليس من أحزاب المعارضة اليمينية.
على المستوى السياسي، قد تكون دوافع الأردن ومصر، مخلصة في عملية المشاركة لعلها تقدم خطوة عملية مهما بدت متواضعة خدمة للطرف الفلسطيني المُمزق المُنقسم، تتمثل بوقف الاستيطان لعدة أشهر، ولكن الكرة في المرمى الأميركي الذي جلب الأطراف جلباً إلى العقبة وشرم الشيخ، وخاصة طرف المستعمرة، فماذا سيكون موقف واشنطن بعد الخرق الفاضح لقرار المستعمرة في إعادة بناء أربع مستوطنات جديدة؟ هل سيعتبون، أو سيغضبون، أو سيتخذون إجراءات؟
المكسب السياسي الإعلامي الوحيد هو: تعرية المستعمرة أنها حقاً عدوانية، استعمارية، توسعية تعتمد على عوامل الضعف الفلسطيني العربي الإسلامي المسيحي، وتوظيف هذه العوامل لمصلحة استمرارية برنامجها: برنامج البقاء كمشروع استعماري توسعي على أرض فلسطين.