فلسطين أون لاين

أسرانا يصدّرون لنا أعظم درس رمضانيّ

يدرك أسرانا أكثر من غيرهم مدى الرعب الذي يقذفه شهر رمضان في قلوب أعدائنا، وقد كانت بداية الحرب المعلنة من جديد على أسرانا يوم تقلّد هذا الأرعن "بن غفير" منصب وزير الأمن القومي، وكانت أوّل زيارة له إلى سجن نفحة، فقد أعطى تعليماته بتشديد القبضة على الأسرى وسحب الكثير من استحقاقاتهم، ثم إن تصريحات كثيرة صدرت عن رموز هذه الحكومة المتطرفة تدعو إلى تجاوز شهر رمضان لما كان له من سوابق أوجعت الاحتلال كثيرا، ولأنهم يريدون تجنّب ويلات هذا الشهر عليهم، أسرانا يقرؤون المشهد جيّدا، فقرّروا الاستفادة من بركات رمضان، فتوحّدوا على أن تكون فاتحة رمضان إضرابا مفتوحا عن الطعام، هم يهربون من رمضان وأسرانا يستدعونه بكل ما يحمل من روح وقوّة وعنفوان.  

وشهدنا في اليوم الأوّل لرمضان أعظم درس رمضاني، كان درسا عمليا علمنا فيه أسرانا أن شهر رمضان يبقى هو شهر الانتصارات، ليس ماضيا فحسب، وإنما حاضرا ومستقبلا.

وعلّمونا أنّه شهر الإرادات الحرة القوية العزيزة الكريمة التي لا ترضى بالدنيّة أبدا، فأن تجمع بين الإضراب والصيام فهو أمر عظيم يحتاج إلى رجال عظام أصحاب إرادة لا تلين وعزيمة لا تضعف أبدا.

علّمونا كيف يكون الانتصار، فبوحدتهم وحسن تخطيطهم وقوة حشدهم استطاعوا أن يحقّقوا انتصارا عزيزا، رغم قلّة حيلتهم وانعدام إمكانات المواجهة سوى أمعائهم الخاوية.  

بالفعل صدّروا لنا درسا عظيما مفاده أنّ لدينا القدرة على تحقيق الانتصار فما علينا إلا أن نجيد استخدام الأوراق التي بأيدينا، وأن نثق بأنفسنا جيّدا. علينا أن نمضي قدما دون تردّد أو شعور بالضعف والهزيمة، بعد الاستعانة الكاملة بالله على ضعفنا علينا حشد عناصر قوّتنا وخبرتنا بشكل كامل وبإدارة ناجحة.

علّمونا أن شهر رمضان ليس شهرا للنوم والعجز والكسل والغرق في الملذّات والمسلسلات وكلّ ما يريده الأعداء، وإنما هو شهر القوة والحركة وتحقيق الإنجاز.  

علّمونا أن شهر رمضان فرصة عظيمة لأن ننتصر على النفس والشيطان والأعداء معا وأن ذلك ممكن ويسير لمن أراد أن يتحرّر وسعى لحريته سعيها.

علّمونا بطريقة فذّة كيف تشنّ الحرب النفسية على الأعداء وكيف تكسب المعركة في جولاتها الأولى.  

علّمونا كيف يكون العمل بفريق واحد، وكيف ينجح الحوار، وما آليات العمل معا، وكيف نتجاوز خلافاتنا أمام خطر داهم، وكيف نتّخذ القرارات المصيرية بطريقة جماعية ديمقراطية بعيدا عن الفردية والنمط الديكتاتوري والاستحواذي السائد في عالمنا العربي اليوم.  

علّمونا كيف نختار زمن المعركة نحن ونفوّت على عدوّنا هذه الفرصة، لقد انتقلوا بنا من حالة ردود الفعل إلى حالة مسك زمام المبادرة ودفع الأعداء الى ردّات الفعل على خطواتنا.  

وعلّمونا كيف يكون التفاوض مع الأعداء؟ فكما كان القرار ببدء المعركة جماعيا كان أيضا إنهاؤها جماعيا وبصورة لا تترك مجالا لأحد أن يخترق أو يخلخل هذه الروح الجماعية الرائعة.  

لقد كان درسا عمليا بليغا قويا بالفعل، أقوى من كل الخطب والدروس التي يشهدها رمضان.