من فرنسا نفى وزير المالية الإسرائيلي وجود الشعب الفلسطيني! ومن فرنسا ضمّ سموتريتش الأردن لأرض (إسرائيل)! ما فعله سموتريتش جريمة كبيرة تستحق اعتقال مرتكبها فورًا.
فرنسا لم تفعل شيئًا، فرنسا لم تعتقل سموتريتش، ولم تحاول التحقيق معه، ولم تستنكر ما قاله، ولم تتخذ قرارًا بمنع عودته إلى فرنسا ثانية، فرنسا دولة تزعم أنها دولة قانون، ودولة حريات، وترفض العنصرية، وتحارب اللاسامية، ولكنها في هذه المعاني الكبيرة تكيل بمكيالين، مكيال (لإسرائيل)، وآخر للعرب.
هب أن فلسطينيًّا، أو جزائريًّا، نفى من باريس وجود شعب (إسرائيل)، أو قال يجب محو (تل أبيب) من الوجود، هب أنه قال شيئًا من هذا، عندها سيتحرك التحقيق والاعتقال والتجريم والطرد، وتصدر بيانات الإدانة.
كلنا يذكر ما قاله محمود عباس في أثناء زيارته لألمانيا عن الهولوكوست ضد الفلسطينيين، والذي تمارسه (إسرائيل) ضد الفلسطينيين.
لم ينتهِ عباس من كلمته حتى نصحته جهات قانونية بالمغادرة السريعة خشية الاعتقال، نعم لم يعتقل لأنه غادر، ولكن الحكومة الألمانية، والصحف الألمانية، شنت حملة شرسة ضد عباس، وظلت الحملة ساخنة ضده لأيام.
فرنسا، وألمانيا، تشهدان يوميًّا عمليات القتل التي يمارسها الاحتلال، وتسمع تصريحات سموتريتش وبن غفير عن الاستيطان، ولكنهما لا يحركان ساكنًا! حتى الأردن الدولة ذات العلاقة الجيدة مع الغرب، لم تحظَ بتعاطف جيد من فرنسا وألمانيا ودول الغرب بعدما قاله سموتريتش الذي جعل الأردن جزءًا من (إسرائيل).
دول الغرب دول تمارس النفاق، وهي لا تعمل لصالح الحقوق الفلسطينية والعربية، وجوهر سياساتها الخارجية معروف جيدًا، ونحن إذ ننتقدهم لدورهم الاستعماري ونفاقهم المتواصل، علينا أن ننتقد أنفسنا كفلسطينيين وأردنيين، وعرب بشكل عام، فنحن من أرخصنا أنفسنا، وجعلنها ممسحة لكل القاذورات، نحن من التقينا (إسرائيل) في العقبة وشرم الشيخ لنوفر لها الأمن والاستقرار عبر الشراكة العملية في قمع المقاومة الفلسطينية.
نحن فعلنا في أنفسنا ما فعلنا من خيانة، (وإسرائيل) تنفي وجودنا، وحقنا في أراضينا، وتصدِّق أمس الثلاثاء على الاستيطان في أربعة مواقع جديدة، وتكذب عمليًّا حسين الشيخ الذي زعم أن الاستيطان سيقف ستة أشهر بموجب شرم الشيخ، الذي عده لقاء ناجحًا. لو لم يكن لقاء العقبة، وشرم الشيخ، لما تجرأ سموتريتش على قول ما قال، وزعم ما زعم، ولما خرست فرنسا وألمانيا وهي ترى الأردن تحت تهديد احتلال قادم.
نحن من أرخصنا أنفسا وقضيتنا