ما قاله حسين الشيخ ورئيس حكومة السلطة محمد اشتية كوميديا سوداء، كان من الأفضل تأجيلها إلى شهر رمضان المبارك ضمن برامج الترفيه التي يشهدها الشهر الفضيل في كل عام، ضمن ما يسمى الدراما العربية.
الشيخ الذي شارك في اجتماع شرم الشيخ قال -بكل جدية دون أن يغالبه الضحك- عبر حسابه في "فيسبوك": بأن مفاوضات شرم الشيخ "اتّسمت بالصعوبة أمام تمسك الوفد الفلسطيني بموقفه الثابت برفض الخوض في أي مسار أمني أو اقتصادي، قبل الوصول لاتفاق سياسي تلتزم (إسرائيل) فيه بوقف الإجراءات الأحادية كافة".
النكتة هنا أن الجميع سواء في السلطة أو دولة الاحتلال أو في الأطراف المشاركة كضامنين يعرفون أنه لم تكن هناك مفاوضات، وإنما إملاءات جاء الوفد العسكري والأمني والاستخباراتي الإسرائيلي لفرضها، ولتأكيد التزام السلطة بها حرفيًّا، مقابل وعود بضخ أموال للسلطة محتجزة لدى سلطات الاحتلال.
والنقطة الوحيدة التي بُحثت هي توسيع مساحة دور السلطة في وأد المقاومة، وكشف أيّ عمليات تحريض على مقاومة الاحتلال، أو وقف جلف واستفزاز وقذارة المستوطنين التي يمارسونها في كل مكان في فلسطين بحماية وتشجيع من جيش الاحتلال وأجهزة الاستخبارات الصهيونية.
النكتة الثانية وهي أن رئيس حكومة السلطة اشتية اكتشف بعد 100 عام من الصراع أن تصريحات وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش "تعبر عن عنجهية القوة والغطرسة"، وأن "إسرائيل دولة استعمارية توسعت مثل أي استعمار استيطاني عبر التاريخ".
سموتريتش أنكر عدم وجود شعب فلسطيني بعد ساعات من انتهاء اجتماع شرم الشيخ الأمني مع السلطة الفلسطينية، وبعد دقائق من تصريحات الشيخ التي وصفت المحادثات بأنها "اتسمت بالصعوبة".
سموتريتش بصق في وجه الجميع، وهو لا يعبّر عن وجهة نظر شخصية إنما عن رأي رسمي ورأي يشاركه فيه غالبية الإسرائيليين وربما اليمين المتطرف في أماكن متعددة من العالم.
الصهيوني البغيض واللعين لم يقل كلامه في مكان مغلق، وإنما في أثناء زيارته العاصمة الفرنسية باريس، قائلًا: "لا يوجد ولم يكن هناك شعب فلسطيني… من كان أول ملك فلسطيني؟ ما هي اللغة؟ هل هناك عملة فلسطينية؟ هل هناك تاريخ أو ثقافة فلسطينية؟".
وادعى الوزير المتطرف أن "الشعب الفلسطيني اختراع لم يتجاوز عمره 100 عام".
نكره سموتريتش ونرى فيه نموذجا للفاشية والنازية لكنه يتحدث بلسان شعبه وعن شعبه بكل قوة وجراءة دون خوف، ويستخدم كل الأدوات الممكنة "لتثبيت اليهود" في أرض ليست لهم، بينما يصف الشيخ شروط الاحتلال في شرم الشيخ بأنها "اتّسمت بالصعوبة"، ويلقي علينا اشتية معلومة غابت عنا طيلة هذه السنوات بأن هذه التصريحات تعبر عن "عنجهية القوة والغطرسة".
تصريح خطير لصهيوني متطرف، يقابلها رد فعل جبان ومتخاذل من أشخاص يفترض بهم حماية الشعب الفلسطيني والدفاع عنه.