كان لقاء العقبة الأمني، ثم لقاء شرم الشيخ الأمني، شراكة خماسية لحماية أمن (إسرائيل)، وقمع المقاومة الفلسطينية، لا في شهر رمضان فحسب، بل في أشهر السنة، وأميركا هي حكم على الأعمال المُناطة بكل طرف.
الأداء العربي الأمني لم يقرأ (إسرائيل) والفكر الصهيوني قراءة صادقة، وفي الوقت نفسه لم يقرأ التاريخ قراءة علمية موضوعية، واشترى بالحقوق الفلسطينية أمن (إسرائيل ) ورضا أميركا.
لم يجف بعد مداد البيان الختامي للقاء شرم الشيخ الأمني حتى أخرج الفكر الصهيوني لسانه سخرية بأطراف اللقاء، وبالذات الأردن وفلسطين ومصر، إذ صرح سيموتريتش وزير المالية الإسرائيلي ومن باريس قائلًا: إنه لا وجود لشيء اسمه الشعب الفلسطيني، وإن وجود هذا الشعب كذبة كبرى عمرها مائة عام، ويجب مواجهة هذه الكذبة، وفي الوقت نفسه كانت المنصة الصهيونية التي يقف خلفها ويلقى منها كلمته مزينة بخريطة (إسرائيل) كما يراها هو، وكما كانت تراها مجموعة الأرغون الإرهابية اليهودية في عام ١٩٤٨م، وهذه الخريطة تجمع كامل فلسطين وكامل تراب دولة الأردن.
التصريح الوقح ينفي شعب فلسطين، والخريطة تنفي الأردن، في حين اجتمعت الأردن الدولة والسلطة الفلسطينية مع أميركا لتحميَ أمن (إسرائيل)، وهذا تصديق لقوله تعالى: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم".
إن لقاء شرم الشيخ غير كافٍ لكم يا سادة لتحوزوا على رضا سيموتريتش (وإسرائيل)، وما زالت ثمَّ خطوات أبعد عليكم القيام بها لحيازة الرضا، ومن ثم الاستقرار.
الصورة التي أبرزها سيموتريتش تجاوزت فكرة (الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين)، لتصير الأردن جزءًا من دولة (إسرائيل)، ومن ينفي وجود الشعب الفلسطيني سيَنفي وجود الشعب الأردني، ومن ثمَّ يمكن القول بأن الأردن تقع تحت تهديد إسرائيلي حقيقي، ومن هنا استفز الأردن واستدعى السفير الإسرائيلي لوزارة الخارجية، واستنكر تصريحات سيموتريتش، وفعلت الخارجية المصرية والسلطة الفلسطينية كذلك، ولكن لا قيمة لهذه الاستنكارات عند سيموتريتش والصهيونية الدينية، وشبيية التلال، وغيرهم من المتدينين المتطرفين.
أقول للأردن ومصر والسلطة إنه لا قيمة لهذا الاستنكار البارد، والرد المناسب والمؤثر هو التراجع عن اتفاق شرم الشيخ الأمني، ووقف الشراكة في اللقاءات القادمة، ودعم المقاومة الفلسطينية، لأنها هي القادرة على حماية الأرض الأردنية، واستخلاص القدس والضفة من الاحتلال، ومن ثمَّ كي الوعي الصهيوني حتى يقرّ بوجود الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.