فلسطين أون لاين

تقرير الفشل الدراسي للأبناء.. يُعالَج بالاحتواء وفرصة لاكتشاف القدرات

...
الفشل الدراسي للأبناء.. يُعالج بالاحتواء وفرصة لاكتشاف القدرات 
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

تؤمن أم عدنان بركة أنّ الأهل هم أساس فشل أو نجاح الأبناء، فإذا لم يتوفر الاهتمام الكافي بنتائج التحصيل الدراسي لأبنائهم، ولم يتابعوهم دراسيًّا وسلوكيًّا، فليس لهم الحق بمحاسبتهم إذا ما أخفقوا.

وتشير إلى أنّ التأسيس للنجاح يجب أن يكون متكاملًا، فعلى الآباء أن يتابعوا أبناءهم من كل الجوانب، ويمدّوهم بالاهتمام والحرص ليضمنوا نجاحهم، داعيةً المدارس لعقد اجتماعات توعوية للأهالي لمعرفة التعامل مع أبنائهم وكيفية توجيههم للتعامل مع الإخفاقات والبحث عن جوانب مميزة في شخصياتهم يمكن استثمارها.

في حين تعتقد هبة الخضري بضرورة توافر الوعي لدى الأهل والمتابعة دون الضغط على الابن إذا لم يحقق النتائج المرجوة منه، "يجب أن يتحوّل الاهتمام لديهم في هذه اللحظة إلى ناحية إتقان القراءة والكتابة فقط، ثم التوجه نحو التدريب المهني".

وترى أنّ نظام الترفيع الآلي يمثل عبئًا على المجتمع والطفل نفسه، وأنّ على المنظومة التعليمية تأسيس الطلبة بعد اجتيازهم مرحلة التعليم الأساسي للالتحاق بالتعليم المهني في سنٍّ مبكرة، وبناء مدارس خاصة بذلك، إذ يمكن أن يندمج فيها التعليم الأساسي مع المهني.

فاقد تعليمي

بدورها تؤكد الاختصاصية التربوية إكرام السعايدة أنّ الضعف الدراسي لدى عدد كبير من الطلبة في غزة أصبح ملحوظًا خاصة بعد جائحة كورونا، "فهناك فاقد تعليمي ما زلنا نرصد آثاره في الميدان التربوي".

وتَبيّن أنّ على الأهالي التعامل مع نتائج التحصيل المدرسي كفرصة لمعرفة مَواطن قوة وضعف أبنائهم، ولا بُدّ من الإدراك جيدًا أنّ الطلبة متفاوتين في الاستيعاب، وهناك فروقات فردية بين الطلبة فالبعض يروق له التجريب في الحلّ ويهتم بالمواد العلمية التي فيها عمليات حسابية رياضية، والآخر يميل للمواد التي فيها حفظ واستذكار.

وتقول: "يجب أن أفهم أين تتجه ميول أبنائي فهي ليست وليدة اللحظة، بل هي تراكم خبرات عبر السنوات الدراسية، فالعملية التعليمية تراكمية مستمرة على مدار سنوات، وإن حدث إخفاق في مرحلة ما أو أُهملت مهارة معينة فإننا سنواجه صعوبات".

وتؤكد أنّ عدم إجادة الطالب لأساسيات الحساب -مثلًا - لن يُمكّنه في المرحلتين الإعدادية والثانوية من حلّ المعادلات الرياضية، لأنّ الأساس غير موجود، لذلك من المهم احتواء أبنائنا مبكرًا ومعرفة الظروف التي أثّرت في تحصيلهم الدراسي سواء صحية أو نفسية أو اجتماعية، فالخلافات الأسرية الدائمة أو انفصال الأبوين تؤثر سلبيًّا على تركيز الطالب وقدرته على التحصيل.

وتلفت إلى أنّ الوضع الاقتصادي الصعب قد يحرم الطالب من مصادر التعلم التي تضيف له معلومات جديدة وتسهل عليه عملية الحصول على المعلومة، وتكسبه قدرة على الاستيعاب والفهم بخلاف الطرق التقليدية".

سمة سائدة

وتنصح السعايدة الآباء بضرورة أن يدركوا أنّ سمة عدم الاهتمام بالمشوار الدراسي أصبحت سائدة لدى الكثيرين من الجيل الحالي، ففي هذه الحالة دور الأهل هو البحث عن مواهب أبنائهم وتوجيههم لمجالات أخرى قد يبدعون فيها، كالبرمجة والتسويق الإلكتروني التي نجد الكثير من طلبة المدارس ماهرين فيها بالرغم من صغر سنهم، وهنا يجب على الأهل وضعهم على أعتاب المجال الذي قد يبدعون فيه.

وعدّت سعي غالبية الأهالي لأن يكون أبناؤهم أطباء ومهندسين هو "مثالية مريضة"، فالمجتمع بحاجة لكل المهن في المستقبل، ويجب أن يكون لدى الأهل التكيّف والمرونة لتقبّل عدم تميّز ابنه في المجال الأكاديمي، وتَفهُّم توجُّهاتهم نحو الفنون الجميلة أو التكييف والتبريد وصيانة السيارات الحديثة.

وتعتقد السعايدة بأنّ عدم تفهُّم رغبات الأبناء تجاه تخصص أو مهنة معينة "إجحاف" بحقّهم وعدم احترام لقدراتهم العقلية، "يجب ألا نتعامل مع الابن بغضب وانفعالية، علينا تقبُّل فشله والبحث عن الأسباب، والأخطاء التي أدت إلى الفشل أو تراجع التحصيل".

مساحة آمنة

وتشبّه السعايدة التعثّر الدراسي بخطوات الرضيع لتعلم المشي، وحين يبدأ بالمشي ينجح أحيانًا ويتعثر أخرى وصولًا لإتقان المشي، وهكذا يجب أن نخلق من كلّ عثرة انطلاقة كبيرة.

ودعت الأهالي للابتعاد عن التربية التقليدية المعتمدة على القسوة؛ لتجنُّب الوصول لحالة من خشية الابن العودة للمنزل إذا ما استلم أيّ ورقة اختبار وقد نقص فيها درجة أو درجتين، "فيجد الطالب نفسه ضمن قالب معين، فإذا ما خالف التوقعات يتعرض للقسوة والحرمان، إذ ينبغي أن تكون محبتنا لأبنائنا غير مشروطة بعلامة ولا تقدير ولا خطأ ولا زلة".

وشدّدت على ضبط الانفعالات والابتعاد عن النقد والتهكم والتجريح أمام الآخرين وعدم إصدار الألقاب الفاشلة والصفات السلبية، والابتعاد عن المقارنة الهدّامة بين الأشقاء، والحرص على أن يكون لكل ابن كينونته ومساحته الخاصة للتعبير عن نفسه، ومنحه مساحة آمنة لخوض التجارب والتعلم من الفشل.

وتنصح الآباء باحتواء أبنائهم وتشجيعهم على البدء من جديد، وخلق بيئة داعمة ومشجعة لهم، بعيدًا عن الأشخاص السلبيين الذين قد يحبطونهم، وتمكين الطفل من الحوار وتبادل الخبرات والتجارب مع الآخرين، خاصة من فشلوا في مرحلة من المراحل الدراسية لكن استطاعوا استعادة أنفسهم والبدء من جديد.