في محاولة لتهدئة الأوضاع الأمنية قبل حلول شهر رمضان، انعقدت في الساعات الأخيرة قمة شرم الشيخ بحضور الاحتلال والسلطة الفلسطينية وأطراف إقليمية ودولية، استكمالًا لقمة العقبة التي سعت لتوفير البضاعة التي يريدها الاحتلال، ولكن دون جدوى.
انعقدت قمة شرم الشيخ، كما قمة العقبة قبلها، ويريد أطرافها المشاركون فيها منع تصعيد أمني بكل ثمن، وهم يفهمون أنها قد تكون الفرصة الأخيرة لوقف مواجهة شاملة في الأراضي المحتلة، لذلك تداعوا جميعًا وعلى جدول أعمالهم تعزيز آليات تهدئة الوضع المتفجر في الميدان، دون انتزاع تنازل إسرائيلي بعدم مواصلة قوات الاحتلال لعملها في المدن الفلسطينية، ولا سيما المنطقة "أ".
لا ينكر أطراف قمة شرم الشيخ أنهم أمام محاولات يائسة تقريبًا لاستعادة السلطة الوطنية وتقويتها ومنع تفككها، خاصة وأن التقديرات متشائمة بإمكانية أن تتصاعد الأوضاع الأمنية تزامنًا مع انعقاد القمة، كما حصل مع لقاء العقبة الأخير، وفي الوقت ذاته لا يتضح بعد ما إذا كانت حكومة الاحتلال الفاشية ستوافق على ستقرّه القمة بعد التنكر الذي أبداه وزراؤها لمخرجات قمة العقبة.
يتزامن انعقاد قمة شرم الشيخ مع توفر حجم غير مسبوق من التحذيرات الأمنية بوقوع عمليات فدائية في الأيام والأسابيع المقبلة، ما يدفع أطراف القمة للادعاء بأن تعزيز أجهزة أمن السلطة الفلسطينية قد يساعد كثيرًا على تهدئة المنطقة، بالرغم مما تواجهه في الآونة الأخيرة من انتقادات داخلية، حتى من داخل عناصرها أنفسهم، وهم يرون ارتقاء قرابة ثمانين شهيدًا فقط في شهرين ونصف.
في الوقت ذاته، فإن أوساط الاحتلال التي تتحضر لمخرجات قمة شرم الشيخ تواصل إغلاق خط التماس المخترق أصلًا، وتزيد عدد الكمائن العسكرية، وسط قلق اعتزام قوى المقاومة للعمل في جميع الساحات، المتوقعة منها في الضفة وغزة والقدس، وغير المتوقعة، كما حصل مؤخرًا في مجدو.
وفيما أرسل الاحتلال مبعوثيه الأمنيين للمشاركة في قمة شرم الشيخ، فقد أرسل المزيد من قواته العسكرية للانتشار في مناطق إضافية في الضفة الغربية، وسط تقديرات بإمكانية الاستعانة بقوات الاحتياط، مع توجه لدى جيش الاحتلال باستغلال إمكانية انفجار الأوضاع في شهر رمضان للزجّ بالقوات النظامية، والبقاء في حالة جاهزية لاستدعاء الاحتياط، وفقًا لتقييم الوضع الذي سيحدد في الأيام المقبلة.
الخلاصة أن قمة شرم الشيخ تنعقد والأراضي المحتلة تشهد تصاعدًا في إجراءات الاحتلال ضد الأسرى خلف القضبان، وهم يهددون بإعلان الإضراب المفتوح عن الطعام إن لم تتوقف هذه العقوبات التعسفية، فضلًا عن حلول يوم الأرض أواخر مارس الجاري، وبينهما بدء الشهر الفضيل، وما قد يتخلله من مناسبات وطنية ودينية.