ما زال الإسرائيليون منشغلين بما سمحت الرقابة العسكرية بكشفه عن انفجار مجدو، في ضوء ما أسفر عنه من نتائج وصفوها بـ"المختلطة"، تتطلب تحقيقًا شاملاً من الجيش وأجهزة الأمن، صحيح أن نمط العملية من نماذج حزب الله التقليدية، لكن هوية المتسلل الفلسطيني تضع مؤشرات حول انخراط المقاومة في العملية التي فتحت أمام الاحتلال ساحة قتالية جديدة.
المعطيات المتوفرة حتى الآن تتحدث أولاً عن اقتحام خطير للأراضي المحتلة في المنطقة الشمالية على حدود لبنان، دون توفر تحذيرات استخباراتية معروفة، وثانيًا أن الاقتحام الحدودي وقع في نقطة لا يعرف الاحتلال عنها شيئًا، أما المعطى الثالث فيتعلق بالجهاز الذي تم استعماله، كونه غير معتاد، ومتطور، وليس موجودًا في الأراضي الفلسطينية، ومن الواضح أنه قادم من لبنان.
هذه المؤشرات الثلاثة استدعت من الاحتلال ضرورة التحقيق في الحادث، وفهم تفاصيله، والتعلم منه خشية تكراراه في المستقبل، مع أنه لا يملك قدرة محكمة على وقف أي نشاط فدائي من هذا القبيل، وهي ليست المرة الأولى التي يقع فيها هذا النوع من الأحداث في الجبهة الشمالية، وإن كان الأول منذ أكثر من عشرين عامًا حين اخترق مسلحون في 2002، في ذروة انتفاضة الأقصى السياج الحدودي، ونفذوا هجوماً قُتل فيه خمسة مستوطنين، وتبين لاحقًا أن المسلحين عبروا الحدود باستخدام سلم متطور وأنفاق.
إلى حين معرفة الاحتلال بآلية تسلل منفذ عملية مجدو، فإن هناك نجاحًا لافتًا له، بغض النظر عن حجم الخسائر الإسرائيلية التي ظهرت محدودة، لكن نتائجها تبدو مختلطة، في ضوء عدم قدرة الاحتلال حتى نشر هذه السطور على الجزم بأن جهته المنفذة حماس أو حزب الله، أو كلاهما معاً، أحدهما بالتخطيط والتنفيذ، والآخر بغض النظر والتسهيلات الميدانية.
النتيجة النهائية التي يستخلصها الإسرائيليون أن عملية مجدو أصابت ردعهم المتبدِّد أساساً بضعف جديد، دون أن يعني بالضرورة ذهاب الردّ الإسرائيلي، على المستوى الإستراتيجي إلى حرب مفتوحة، بقدر ما قد يستدعي توجيه بعض الضربات الخاطفة، سواء ضرب أهداف محددة، أو استهداف شخصيات بعينها.
اليوم وبعد أيام من حادثة مجدو، وفي ذروة انشغال الاحتلال بتبعاته، فإنه يتحدث عن خيارات محدودة للتعامل معه، أولها عدم الحاجة الفورية للرد عليه بهجوم عاجل، وثانيها الرد بنفس الطريقة بتنفيذ عملية سرية ضد حزب الله داخل الأراضي اللبنانية دون تحمل المسؤولية، وثالثها توجيه ضربة لأحد عناصر القوة التي بناها الحزب في السنوات الأخيرة، مثل الصواريخ المتطورة أو قوة الرضوان، دون أن ترمم هذه الخيارات الردع الإسرائيلي المتبدِّد.