ما بين مد وجزر لا تزال جهود عقد جلسة المجلس الوطني، قائمة، إلا أن هذه الجهود لم تسفر حتى اللحظة عن أي شيء بما في ذلك تحديد موعد عقد الجلسة التي يصر رئيس السلطة محمود عباس على عقدها قبل توجهه إلى الأمم المتحدة خلال الفترة الوجيزة المقبلة.
ما مدى إمكانية عقد جلسة "الوطني" في ظل التجاذبات القائمة؟ ولماذا هذا الإصرار على عقده في رام الله وقبل توجه عباس إلى الأمم المتحدة؟ وهل يمكنه أن يحل "معضلة" من يخلف الرئيس؟ تلك التساؤلات وغيرها نحاول الإجابة عنها عبر التقرير التالي:
أزمة مستقبلية
يرى محاضر العلوم السياسية في الجامعات الفلسطينية جهاد حرب، أن عقد جلسة المجلس الوطني هو "ضرورة" فلسطينية سيترتب عليها تحديد "خليفة" لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس.
وقال في حديث لصحيفة "فلسطين": "من الواضح أن الرئيس عباس يريد عقد هذه الجلسة لتفادي أزمة مستقبلية متوقعة قد تنشأ عن فراغ في منصب رئيس اللجنة التنفيذية والتي يشغلها هو حالياً ممثلاً عن حركة فتح".
وأشار حرب إلى أن عقد جلسة المجلس الوطني في رام الله هو أمر مطروح منذ سنوات، إلا أن الخلافات الفلسطينية وعدم موافقة أغلب فصائل المنظمة حال دون ذلك، مبرراً سبب إصرار رئيس السلطة على عقد جلسة الوطني بهذه الظروف، بأنه يريد قبل ذهابه إلى الأمم المتحدة أن يكون مسلحا من خلال انتخاب جديد لشخصه وللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وأوضح أن الرئيس "عباس" يريد أن يعزز شرعيته من خلال تجديد شرعية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بسبب عدم انعقاد الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال السنوات الأخيرة.
وفي معرض رده على سؤال "فلسطين"، هل سيكون المجلس الوطني بديلاً عن المجلس التشريعي ولقراراته صفة ملزمة؟، أجاب: "لا أعتقد ذلك فالمجلس الوطني هو برلمان لجميع الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، بينما المجلس التشريعي فهو للسلطة الفلسطينية ويمثل الضفة الغربية وقطاع غزة فقط".
وتابع: "إن القانون الأساسي هو من يحكم إجراءات عمل المجلس التشريعي وصلاحياته، بينما النظام الداخلي للمجلس الوطني ولمنظمة التحرير هو من يحكم آليات عمل المجلس الوطني"، مؤكداً أنه لا يمكن لأي من المجلسين أن يكون بديلاً عن الآخر.
مظلة السلطة
وفي سياق متصل، يرى الكاتب والمحلل السياسي خالد عمايرة، أن سبب إصرار عباس على عقد جلسة المجلس الوطني في رام الله هو أن تبقى مخرجات الجلسة تحت مظلة السلطة ووصايتها عليه.
وقال في حديث لصحيفة "فلسطين": "على جلسة الوطني أن تنفذ وصايا السلطة وتوجيهاتها وهذا لن يحدث إن تم عقد الجلسة في مكان آخر غير رام الله"، موضحاً أن السلطة الفلسطينية تريد الكل الفلسطيني تحت مظلتها رغم أن الحالة الفلسطينية تغيرت.
وأشار إلى أن منظمة التحرير بصورتها وتركيبتها القديمة، لم تعد تمثل الكل الفلسطيني، وأن هناك فصائل وازنة وتمثل شريحة عريضة من الشارع الفلسطيني غير ممثلة فيها، وفي المقابل توجد داخل المنظمة تنظيمات لا تحمل إلا مسميات فقط بينما هي في الواقع غير موجودة.
واستبعد عمايرة أن يتم عقد جلسة المجلس الوطني في رام الله، عازياً توقعاته تلك إلى أن عقد الجلسة في رام الله سيحرم العديد من الشخصيات من حضور الجلسة من جهة، كما أن الاحتلال سوف يكون المتحكم بمن حضر من خلال منحه الموافقة أو منعه عنها من جهة أخرى.
وحول مدى أهمية قرارات المجلس الوطني، قال: "من الناحية النظرية فإن قراراته مهمة، كونه أرفع هيكلية في منظمة التحرير بعد اللجنة التنفيذية، ولكنه في الوضع الراهن يعاني من الوهن بسبب أن عدد أعضائه تضاءل نتيجة حالات الوفاة، ناهيك عن عدم أهلية بعضهم نتيجة كبر السن، مما يستوجب تجديد الدماء فيه حتى يصبح ممثلاً للشعب الفلسطيني بجميع فصائله".