فلسطين أون لاين

​مقترح "الحكم الذاتي" الأمريكي.. هل تقبل السلطة بما رفضته عام 78؟

...
غزة - يحيى اليعقوبي

"حكم ذاتي كامل، وشطب حل الدولتين"، عنوان مقترح أمريكي تتم بلورته لطرحه على السلطة الفلسطينية وسلطة الاحتلال، يرى خبراء فلسطينيون وعرب أنه سيشكل إن تم انتكاسة ونهاية لمسار طويل من التسوية وعودة بالفلسطينيين 39 عامًا إلى ما رفضوه إبان اتفاقية "كامب ديفيد" عام 1978.

ووفقًا لخبراء تحدثت إليهم صحيفة "فلسطين"، سيفقد المقترح السلطة أي دور في السياسة الخارجية في الأمم المتحدة والمحافل الدولية، ويمنحها فقط علاقات محدودة مع الإقليم، وحصر مهامها في إدارة الأحوال المدنية بالضفة المحتلة.

وكانت مصادر مطلعة في واشنطن قالت لصحيفة "القدس": إن مقترحات خارطة الطريق تشكل "خلاصة" الجولات التي قام بها مستشارا الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، وجيسون غرينبلات، وحصيلة المحادثات التي أجرياها مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والأطراف العربية في آب/ أغسطس الماضي، والتي تتبنى المواقف الإسرائيلية إزاء أي حل سياسي مع السلطة، كما يقول المحلل السياسي طلال عوكل.

نهاية مسار التسوية

وعدّ عوكل مقترح الحكم الذاتي "انتكاسة ونهاية لمسار طويل من التسوية، فلو أراد الفلسطينيون الحكم ذاتيًا لحصلوا عليه قبل 39 عامًا وقبلوا باتفاقية كامب ديفيد عام 1978 التي نصت على إعطاء حكم ذاتي للفلسطينيين ورفضها الفلسطينيون حينها".

وما يساعد الإدارة الأمريكية على تنفيذ رؤية الاحتلال، هو الوضع العربي المنقسم، وغير المواكب للقضية الفلسطينية، إذ إنه ما تبقى من النظام العربي الرسمي ضعيف وله أولويات مختلفة، إذ إن هذه فرصة تاريخية بالانفتاح على العالم العربي والتطبيع بأقل ثمن يمكن تقديمه للفلسطينيين والعرب.

ورأى عوكل، أن الطرح الأمريكي، لن يؤدي إلى تهدئة الصراع، بل سينحدر نحو صراع مفتوح بكل أشكاله، معتبرا هذه المقترحات وصفات لإنهاء مرحلة المراهنة على المفاوضات إلى الصراع المفتوح، باعتبار أنه لا يوجد مجال لحلول تفاوضية مع الاحتلال الذي لا يؤمن بالحقوق الفلسطينية "حتى عند الحديث عن حل الدولتين".

سلطة لإدارة مدنية

ويؤيد أستاذ العلاقة الدولية بالجامعة اللبنانية وليد عربيد رأي عوكل، مضيفًا بأن القبول بالحكم الذاتي يقوض "حلم" السلطة بالدولة المستقلة، ويعني فقدانها للمؤسسة الدبلوماسية والسياسة الخارجية، وستتحول إلى إدارة شؤون اجتماعية للمواطنين، كما لن تستطيع تشكيل جيش فلسطيني "وهذه نظرة إسرائيلية بعيدة المدى لكي لا يشكل الحكم الفلسطيني خطرًا عليها".

وأشار إلى أن الحكم الذاتي يحقق الرغبة الإسرائيلية بأن تكون الضفة الغربية منطقة منزوعة السلاح، بحيث تكون الضفة تحت الوصاية الأمنية الإسرائيلية في البداية، ثم تصبح بعد ذلك تابعة سياسيا واقتصاديا للأردن.

ولفت إلى وجود عدة سيناريوهات إسرائيلية – أمريكية فيما يتعلق بقطاع غزة، من بينها توسعة مساحته جنوبا باتجاه سيناء في إطار حل كونفدرالية بين غزة ومصر، منوهًا إلى أن هذه الطروحات منشؤها (إسرائيل) وليس الإدارة الأمريكية.

وذكّر في الوقت عينه، بمشروع الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية الذي طرحه الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، بحيث يكون الاحتلال المسيطر، وتتولى الأردن مسؤولية تسويق هذه الدولة.

خيار أمريكي

في حين يرى المحلل السياسي من سويسرا سامر أبو العينين، أن الإدارة الأمريكية تحاول تحقيق شيء لدولة الاحتلال مستفيدة من الظرف الإقليمي في العراق وسوريا، وأخيرًا الأزمة الخليجية.

وأشار إلى أن أبسط الحلول من وجهة النظر الأمريكية هي الحكم الذاتي باعتباره الخيار المتاح وأكثر قابلية للتنفيذ، في ظل عدم وضوح رد الاحتلال الإسرائيلي والسلطة على هذا المقترح.

واعتبر أبو العينين أن القبول بخيار الحكم الذاتي يعتبر انتكاسة للسلطة، التي أمضت نحو 25 عاما بمسار تسوية ومفاوضات لم ترق لتطلعات الشعب الفلسطيني ولم تحقق أي شيء من حقوقه، وبالتالي لم تحصل في النهاية على دولة فلسطينية ذات سيادة، على الأقل على حدود الرابع من يونيو/ حزيران عام 1967م، ويصل بها المطاف إلى حكم ذاتي.