فيصل بن فرحان وزير خارجية السعودية في موسكو قبل أيام، الوزير التقى سيرغي لافروف وزير خارجية موسكو، الكلمات المتبادلة والتصريحات الإعلامية منهما عبرت عن تقدم في العلاقات السياسية والتجارية، والاقتصادية، يقول فيصل بن فرحان: "نعقد الاجتماع اليوم على أرضية من التاريخ الممتد للعلاقة المتميزة بين بلدينا، ونتطلع أن تسهم المباحثات اليوم في توحيد الرؤى، ودعم العلاقات الثنائية بين البلدين في مجالات أرحب".
لا ينبغي النظر إلى زيارة الفرحان لموسكو على أنها زيارة عادية روتينية، بل يجدر النظر إليها عبر التوقيت، والطقس الدولي، الذي حدثت فيهما، الزيارة تأتي بعد نجاح الصين في إعادة الدفء إلى العلاقات السعودية الإيرانية، بمعزل عن أمريكا، وتأتي في أجواء الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا ومن يشارك فيها بطريقة غير مباشرة.
زيارة الفرحان عبّرت عن أمور عديدة، منها: أن السعودية تعيش تحولات سياسية واقتصادية كبيرة، وأنها تجري تعديلات على سياستها مع أمريكا ودول الغرب، باتجاه الشرق في قراءة داخلية لها تقول إن هذه التحولات المتدرجة والمحسوبة تخدم المصالح السعودية، ورؤيتها الإستراتيجية عشرين ثلاثين، ومنها أن المملكة في ظل قيادة ولي العهد تبحث عن دور إقليمي ودولي، وتبحث عن تنويع المصادر والعلاقات، وتعمل على بناء نهضة جديدة في المملكة.
لم تعد أمريكا تحتكر العلاقات السعودية الخارجية فيما يبدو من المشاهد الجديدة، والسعودية تود أن تلعب دورًا بارزًا في السياسة الدولية يتناسب مع حجمها، وبالذات الحجم المالي والاقتصادي، لذا حلّ الفرحان في موسكو ضيفًا على لافروف، وعرض أن تلعب السعودية دورًا في تحقيق السلام بين روسيا وموسكو، وقد رحبت روسيا بالدور السعودي، وأثنت على العلاقات الاقتصادية والتجارية القائمة، هذا والوقائع تثبت حاجة موسكو للرياض في مسألة البترول والغاز، كما هي في حاجة لإيران فيهما وفي المسيرات الإيرانية.
في واشنطن، ودول الغرب ينظرون باستغراب للتحولات التي تجري في السعودية مع هذا الطقس الملبد بغيوم الحرب في أوكرانيا، ولكنهم لا يملكون وقف هذه التحولات، ولا سيما بعد تقليل أمريكا من شأن ولي العهد، والدور السعودي. ومن لا يستطيع وقف التحولات هذه عليه أن يشتق لنفسه منهجًا جديدًا يتعامل به مع المملكة في ظل الملك سلمان وولي عهده محمد نافذ الكلمة، والطامح لنهضة سعودية جديدة متنوعة وبعيدة الأثر.