"إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي شخص يشعل الحرائق أينما حل، وكأنه برميل وقود يشعل النار في المنطقة"، بهذه الكلمات المشتعلة وصف المفوض العام السابق للشرطة (أهرونشكي) بن غفير مطالبًا نتنياهو بإقالته لأن بقاءه خطر على (إسرائيل)، فهو لا يملك أي مؤهلات ولا أي فكرة أو قدرة على إدارة الشرطة، نحن بالفعل على حافة الهاوية.
وكان المشرفون المتقاعدون من الشرطة يطالبون بعزل "بن غفير" لأنه مجرم ومدان وواحد من جماعة "فتية التلال" المتطرفة، ونحن على بُعد خطوة واحدة من انتفاضة ثالثة، وكل من يدعو إلى هدم منازل الفلسطينيين شرقي القدس في رمضان يريد إشعال المنطقة بأسرها".
من المعلوم تاريخيًا أن "بن غفير" كان من أتباع كهانا المتطرف المدان بتهمة الإرهاب أميركيًا، ومن المعلوم أنه يحمل في ذهنه العفن أيديولوجيا كهانا العنصرية، التي تعتمد على القوة بل على المزيد من القوة لقهر الفلسطينيين وطردهم، ومن المعلوم أنه لا يؤمن بـ"حل الدولتين"، ويطالب بالضم والاستيطان لكل الضفة، ويرى أن أرض فلسطين كلها هي أرض (إسرائيل) بحسب "التوراة"، وأن الرب وهبها (لإسرائيل) ونسله حتى تقوم الساعة، ومن المعلوم أن "بن غفير" حاز على الفوز وأعضاء من حزبه بأصوات (فتية التلال) وغلاة المستوطنين، إذ رأى هؤلاء فيه أنفسهم من ناحية، ومستقبل (إسرائيل) كما يريدونها من ناحية ثانية.
لم يكن نتنياهو بمعزل عن هذه المفاهيم التي تشخص بن غفير، بل هو على دراية أعمق به وبفكره ودعوته العنصرية مما كتبت، بل أحيانا يتقاطع نتنياهو نفسه مع بن غفير في المفاهيم، وفي قراءة المستقبل، وعليه فإن دعوة قادة الشرطة المتقاعدين لنتنياهو بإقالة بن غفير لأنه برميل حرائق متنقل هي دعوة ساذجة، لا تقوم على قراءة مشخصة للرجلين ولفكرهما المتلاقح لحد التماهي أحيانًا.
الحلّ الذي يجب أن يكون، ويمكنه إزالة بن غفير وفكره المتطرف يكمن في الانتفاضة الثالثة التي بدأت نيرانها تشتعل في الضفة وفي (تل أبيب)، التي ستثبت للجميع أن "بن غفير" وأمثاله لا مكان لهم في التاريخ، وأن الضفة أرض فلسطينية محتلة لا يمكن للفلسطيني أن يسكت على احتلالها، وأن خيانة عناصر من السلطة والأجهزة لن تثني الشعب عن انتفاضته، وعن مواجهة "بن غفير" وحرائقه، وأن تحرير الضفة كائن لا محالة، ولكن دون سلطة عباس الفاشلة على الأغلب، والله أعلم.