لا تزال ظاهرة إطلاق النار على منتقدي السلطة وأدائها في الضفة الغربية المحتلة تُشكّل حالةً من الخطر على حياة هؤلاء وممتلكاتهم، في ظل فشل أجهزتها الأمنية في ضبط الأمن وكشف الجناة وحماية المواطنين.
وشهدت الفترة الأخيرة إطلاق نار على عدد من المواطنين والشخصيات النقابية، كان آخرها استهداف مجهولين مركبة الصحفي والمحاضر الجامعي أيمن المصري برصاصات تسببت بأضرار مادية في مركبته، أمس، وقبله إطلاق النار على سيارة رئيس فرع نقابة المهندسين في نابلس يزن جبر.
ولا تتخذ أجهزة أمن السلطة أي إجراءات عملية على الأرض لملاحقة مطلقي النار والكشف عنهم ومحاسبتهم، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الفوضى والفلتان الأمني، ويضع الشكوك حول الجهات التي تقف وراء هؤلاء المجهولين، خاصة أنّ غالبية من يتعرض لإطلاق النار هم معارضون لسلطة محمود عباس وسياساتها.
ويُعدُّ عدم كشف أجهزة أمن السلطة اللثام عن مطلقي النار على نائب رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق والمحاضر في جامعة النجاح ناصر الدين الشاعر في يوليو/ تموز الماضي، أحد أبرز معالم تجاهل السلطة وتلكؤها في الكشف عن متسببي حالة الفوضى ومستهدفي الشخصيات السياسية والوطنية.
اقرأ أيضًا: بالفيديو أجهزة السلطة تقمع جنازة الشهيد المقاوم عبد الفتاح خروشة
وأكد جبر في حديث لصحيفة "فلسطين" أنّ مركبته تعرضت لإطلاق النار قبل أيام من مجهولين، في رسالة مرتبطة بالعمل النقابي وإعلان النقابة قبل أيام من ذلك عن بدء فعاليات احتجاجية.
ولفت جبر إلى أنّ ملف الجريمة التي تعرض لها بشكل كامل لدى المباحث الجنائية، ولديها معطيات وافية "لكن حتى الآن لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن مطلقي النار، ومن يقف خلفهم"، مردفًا: "أنا شخص لم أدخل مركز شرطة في حياتي، ولا يوجد أيّ ملف جنائي ضدي، وجاءت جريمة إطلاق النار مع بداية نزاع العمل الذي أعلنت عنه نقابة المهندسين".
واعتبر ما حدث معه من إطلاق نار على مركبته تهديدًا للسلم الأهلي، يستفيد منه الاحتلال الإسرائيلي، كونه من يريد عدم الاستقرار المجتمعي، والفوضى، واستمرار ظاهرة إطلاق النار.
وأشار إلى أنّ نقابة المهندسين من المؤسسات الفاعلة والناشطة في المجتمع، والاستهداف يعني استهداف وتهديد جميع المؤسسات العاملة في الوطن.
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية والإعلام في جامعة النجاح أيمن المصري أنّ إطلاق النار على مركبته من الممكن أن يكون له علاقة بآرائه التي يتحدث بها عبر وسائل الإعلام.
وقال المصري في حديث لـ"فلسطين": إنّ غياب الأمن والقانون في أيّ منطقة يهدد السلم الأهلي، ويُشكّل خطرًا على الجميع، معتبرًا ما حدث معه ضررًا بالمنظومة الأمنية واختراقًا لعملها، خاصة أنّ الجريمة جاءت للمرة الثانية خلال أيام، وبالتزامن مع تعرُّض مركبة المهندس جبر لإطلاق نار.
وشدّد على أنه سيبقى يتحدث بشأن قضايا الرأي العام، كونها مرتبطة بعمله الصحفي والأكاديمي.
وحذّر مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" عمر رحال من أنّ جرائم إطلاق النار على مركبات المواطنين والنقابيين من شأنه إحداث فتنة في الشارع الفلسطيني، وتهديد السلم الأهلي، وإدخال المجتمع في حالة فوضى.
وقال رحال لـ"فلسطين": ما يحدث له علاقة بالحقوق والحريات، ويجب أن تكون هناك حرية رأي وتعبير، ليُعبّر الناس عن آرائهم دون تخويف وترهيب، مردفًا: الجناة معروفون، ومطلوب من أجهزة أمن السلطة الكشف عنهم وتقديمهم للعدالة.
وأشار إلى أنّ بعض الأشخاص لا يروق لهم وجود أي انتقاد، لذلك هناك خشية من انتقال جرائم إطلاق النار على المركبات إلى الأشخاص، كما حدث مع الأكاديمي الشاعر.