لا تدخر سلطات الاحتلال الإسرائيلي جهدًا من أجل سلب الأراضي الفلسطينية في النقب المحتل بمشاريعها الاستيطانية العنصرية التي تأخذ أشكالًا عديدة منها تحريش الأراضي.
واقتحمت جرافات الاحتلال مدعومة بقوات كبيرة من شرطته، أول من أمس، قرية سعوة في النقب، وشرعت بتجريف الأراضي الزراعية والمحاصيل فيها، وإجراء عمليات تحريش للأراضي لسلبها.
ويُعد التحريش أسلوب إسرائيلي مستحدث لسلب الأراضي، حيث تغرس ما تسمى قوات دائرة "أراضي (إسرائيل)" أشجارا حرشية معظمها ضارة في الأراضي، لمنع الأهالي من استخدامها أو الاستفادة منها بزعم أنها "أراضي دولة".
وكانت اللجنة القُطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، دعت إلى الحشد والمشاركة في التظاهرة الاحتجاجية التي ستُنظم اليوم الخميس، أمام مجمع "الدوائر الحكومية الإسرائيلية" في بئر السبع رفضًا لعمليات التحريش في أراضي النقب.
تدمير المحاصيل
وقال الناشط السياسي في النقب، رأفت عوايشة، إن التحريش إحدى الوسائل التي لجأ لها ما يسمى "الصندوق القومي اليهودي" (الكيرن كايميت) من أجل سلب الأراضي الفلسطينية والسيطرة عليها، بزعم المنفعة العامة أو أنها "أراضي دولة".
وأوضح عوايشة، لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال يهدف من عملية التحريش تدمير المحاصيل الزراعية لفلسطينيي النقب البدو، وزراعة أشجار ضارة وغير نافعة مكانها كالصنوبر، والكينيا والغرقد.
وذكر أن المناطق التي يعتزم الاحتلال تحريشها هي أراضٍ زراعية خصبة وليست خالية كما يسوق لذلك على الصعيد الدولي، مشيرًا إلى أن الاحتلال يحاول إيهام العالم بأن عمليات التجريف والتحريش تتم في أراضٍ صحراوية لا يسكنها أحد.
ولفت إلى أن الاحتلال يحاول دفع أهالي النقب إلى التوجه لمحاكمه العنصرية ليسهل عليه شرعنة شرقة أراضيهم، ودفع سكانها للرحيل بزعم أنها "أرضي دولة".
وعدَّ أن وقف عمليات التحريش تحتاج إلى هبة جماهيرية على غرار "هبة النقب" التي اندلعت في يناير 2022م، بعدما قررت ما تسمى "دائرة أراضي (إسرائيل)" الشروع بتنفيذ مشروع تشجير أراضي النقب وخاصة في قرية الأطرش، التي فيها أفشل الأهالي مخططات الاحتلال لسلب أرضهم.
اقرأ أيضاً: تقرير بعد توزيع 450 إخطار هدم.. النقب يتجهز لمواجهة متجددة مع المحتل
وشدد عوايشة على أنه بالرغم من محاولات الاحتلال ملاحقة المشاركين في هبة النقب، واعتقال بعضهم وهدم منازل البعض الآخر "لكن ذلك لن يثنيهم عن مواصلة حراكهم للتشبث بأراضيهم".
مخططات عنصرية
وأكد الناشط فارس أبو عبيد، أن سلطات الاحتلال، تضع نصب أعينها في هذه المرحلة تفريغ منطقة النقع بالنقب، وقراها وبلداتها الستة مسلوبة الاعتراف وهي "المشاش، والزرنوق، وبير الحمام، والرويس، والغراء وخربة الوطن" من سكانها الأصليين.
وأوضح أبو عبيد لصحيفة "فلسطين"، أن أهالي منطقة النقع التي تبلغ مساحتها 35 ألف دونم، ويقطنها 30 ألف نسمة، موجودون فيها قبل احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1948م، ويعيشون ظروفًا معيشية صعبة جدًا، دون كهرباء وماء، وبنى تحتية، ومؤسسات تعليمية، وصحية.
وذكر أنه في حال لم يُتصدَّ للاحتلال ومخططاته فإن خطر التحريش والتجريف سيطال جميع القرى، مشيرًا أن الاحتلال وزع الأسبوع الماضي نحو 500 إخطار بهدم منازل مأهولة بالسكان.
ولفت إلى أن حكومات الاحتلال المتعاقبة تعمل دائمًا على سلب أراضي النقب، حيث كثفت حكومة المستوطنين العنصرية هجماتها الشرسة لتهجير الأهالي، وسلب أراضيهم بزعم البناء غير المرخص.
وبين أبو عبيد أن الاحتلال يخطط لتقليص الوجود الفلسطيني في منطقة النقب والاستيلاء على الأرض وإقامة مشاريعه الاستيطانية هناك، لكون المنطقة تشهد تربة خصبة للزراعة.
وأكد أن صمود الأهالي من شأنه أن يُفشل مخططات الاحتلال في المنطقة، كما حدث في "هبة النقب"، التي انطلقت مطلع العام الماضي، وأوقفت المحاولات الإسرائيلية لهدم منازل الفلسطينيين البدو.
وفي يناير/ كانون الأول عام 2022م، اندلعت هبة شعبية كبرى في النقب رفضًا لعمليات التحريش والتجريف والهدم التي قامت بها بلدية الاحتلال، في قرية الأطرش، ما أدى إلى تراجع الاحتلال عن مخططاته.