فلسطين أون لاين

في "شهرهنّ" العالمي

تقرير من النساء إلى النساء.. رائدات يوجهنَ رسائل مفتوحة

...
غزة/ هدى الدلو:

لم يقتصر وجود المرأة الفلسطينية على مجال واحد، بل أثبتت جدارتها في مختلف المجالات المهنية لتتعدد قصص نجاحهن التي خضن فيها تجارب عديدة وكبيرة في آنٍ واحد، استطعن خلالها مواجهة الأزمات، وخلق قصص نجاح على الرغم من الأوضاع السيئة التي مررن بها بفعل الحياة الصعبة في القطاع المُحاصر.

تقول ربة البيت إسلام الخالدي: "إن الواقع الاجتماعي والاقتصادي المعاش يزيد من معاناة المرأة لكونه مرتبطًا بثقافة شعبية مجحفة بحق ربة البيت ومكانتها"، رغم المهمة الكبيرة الملقاة على عاتقها، "فالأم غير العاملة، امرأة مربية لا تقل شأنًا عن نظيرتها في المدرسة أو المشفى وتقع عليها مهمة رعاية وإدارة شؤون بيتها وأطفالها والتعامل مع الأزمات التربوية التي تواجه الأبناء، خاصة إذا كان عمل زوجها لا يعطيه مساحة كافية للتدخل بنسبة كبيرة في الشأن التربوي الأُسري".

وتوجه رسالة لكِ سيدتي بالقول: "أنتِ وجهٌ وواجهةٌ للمجتمع ونصفه وبك يكتمل الجيل الناشئ لذلك واجهي صعوبات الحياة بكل قوة وإصرار فالحياة تهزم الضعيف، ونحن النساء قويات بعزيمتنا، واجتهدي على نفسك ولا تجعلي من الصعوبات حاجزًا يتغلب على قدراتك".

وتحثُّ الفتيات من الجيل الجديد على التمسك بكل ما هو قيم ومفيد والبعد عن مقومات الفشل، "وتحدي الواقع، واستثمري طاقاتك المدفونة بعمل يبرز شخصيتك".

المرأة كالغرس تزهر

أما د. رولا مشتهي العاملة في المجال الطبي منذ ما يقارب 20 عامًا، فترى أن المرأة كالغرس أينما غرست أزهرت، فارتداء ذلك "الروب الأبيض" ليس بالأمر الهين فيسبقه سنوات من الدراسة والاجتهاد، وما يتبعه من ممارسة وتدريب.

وتقول لصحيفة "فلسطين": "وبحكم خبرتي في العمل، يجب أن تهتم الطبيبة وتراعي الله في المرضى وتهتم بهم وتحرص على أن تجتهد في التشخيص الصحيح فالمرضى أمانة بين يديها، وإن تحيرت في حالة ما فليس عيبًا أن تحولها إلى طبيبة أخرى من الاختصاصيين بما فيه مصلحة للمريض".

وتنصح الجيل الجديد من الأطباء بألا يغتروا بعلمهم الجديد، وأن يعطوا أنفسهم الفرصة الكافية لخوض غمار التدريب ممن أهم أخبر منهم، وأن يحرصوا على تنمية مهارات التواصل مع المرضى بمختلف فئاتهم، فالنجاح في هذا خطوة على طريق نجاحهم مستقبلًا، والتحلي بالصبر واللين في التعامل".

المعلمة المبدعة

أما أسماء مصطفى، التي تعمل معلمة منذ 15 عامًا، فاستطاعت أن تجمع خبرتها في تعليم الإنجليزية عبر إستراتيجيات التعلم النشط والتعلم باللعب في كتابٍ وُضع فيه خلاصة رحلاتها في تعليم الإنجليزية لغير الناطقين بها بالممارسة والتطبيق الواقعي مع مختلف دول العالم بأسلوبها الخاص.

أما رسالتها للجيل القادم فتهمس في آذان طالباتها قائلة: "عزيزاتي، بداخل كلٍّ منكنّ كنزٌ ثمين، فاحرصي على المضي قدمًا في رحلة العلم، فأنتِ وحدك القادرة على صناعة مجد ونهضة المجتمع، أنتِ الأم مستقبلًا، والمربية، والمعلمة، والطبيبة والمهندسة، أنتِ الطائر الجميل الذي أينما حلق سيترك شذاه الفواح، تسلحي بالعلم والأدب، فنأمل فيكن خيرًا كثيرًا بإذن الله تعالى".

نضال لأجل الحقوق

بينما الصحفية آية أبو طاقية، ترى في كل امرأة غزية قصة كفاح، "ولا يعني الكفاح خروجها من بيتها وانقضاء ساعات عملها بعيدًا عن أطفالها فقط، بل لأنه كان لزامًا عليها أن تتحمل أضعاف ما يمكن أن تمر به امرأة في وطن آخر، فعليها أن تعمل بكل طاقتها لتثبت جدارتها ثم تتقاضى أجرًا بالكاد يكفيها".

وتتابع: "عليها أن تسدّ الفراغ الذي قد تخلقه بطالة معيلها إن كان زوجًا أو أبًا، وعليها في الوقت نفسه أن تحصّن أسرتها من أي خروق أخلاقية تصيب بعض الأسر بسبب ملاحقة الاحتلال للشبان بهدف إيقاعهم أو تجنيدهم للعمل معه.

وعلى الصعيد الآخر فقد تدفع المرأة ثمنًا باهظًا مقابل أن تكون جزءًا من منظومة الدفاع والمقاومة ضد الاحتلال، هذا إن كانت زوجة لمقاوم مثلًا، "الثمن الذي قد يدفعه كل شريف في سبيل تحرير الوطن"، تضيف آية.

بعد صمت تكمل: "كامرأة صحفية أكتب الناس في قصص وأعبّر عن معاناتهم وصمودهم أيضًا، لكنني وفي غضون يومٍ واحدٍ بينما كنت أمارس عملي الصحفي صرتُ أنا القصة، تحولتُ من شاهدٍ إلى مشهودٍ عليه، فقدتُ رفيقي الذي كتبت فيه حلقةً بعنوان "وجع الفلسطينيات بقاء، ووجع المحتل رحيل"، مساء اليوم نفسه عزتني صديقةٌ لي بالجملة نفسها".

وتؤكد أن النساء الفلسطينيات "رسائل في طريق بعضهن، وإن كان من تذكير فعلينا جميعًا ألا نتوقف عن المحاربة لأجل حقوقنا التي قد تُهدر بسبب جهلنا أولًا أو بفعل المجتمع المحيط الذي اعتاد أن يقولب المرأة تبعًا لاختياراته وقرارته، وهذا ما يجب أن ننشر الوعي لأجله، المرأة يجب أن تفقه كل حقوقها وواجباتها في الشريعة وفي القانون حتى لا تكون عُرضة للنهش أو التغييب أو الإقصاء ثم تكتفي بالمشاهدة فقط".

وتشير أبو طاقية إلى أن هناك ساحة جديدة يجب أن تشغلها المرأة الفلسطينية في سبيل نشر ثقافة المقاومة "وإلا سيشغلها آخرون، يجب ألا ننقطع عن النشر الموجه، أن نركز في كل معلومة يمكنها أن تُحدث إزاحة في وعي الناس، فكل سيدة فينا يجب أن تبدأ من نفسها، وألا تعتقد أن هناك أحدًا آخر يمكنه فعل ذلك بدلًا منها، هذه معركة مفتوحة، المرأة أحد أعمدتها".

هي كل المجتمع

في حين تقول مها وافي التي تعمل ضابط إسعاف ضمن طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني منذ انتفاضة الأقصى، إن تجربتها الإنسانية علمتها بأن المرأة يمكن أن تصنع ذاتها وتبدع في مختلف المجالات، مشيرة إلى أن أصعب ما تعيشه المرأة العالمة هو الموازنة بين حياتها المهنية وحقوق بيتها.

وتضيف: "المرأة إحصائيًا وعدديًا قد تكون نصف المجتمع، ولكنها معنويًّا هي كله".