بعد كل حرب إسرائيلية على قطاع غزة يسارع المتخاذلون والمثبطون والمطبعون إلى حساب الخسائر في الممتلكات والأرواح لإظهار العدو الإسرائيلي منتصرًا دون النظر إلى تداعيات الحرب متوسطة وبعيدة المدى ونتائجها الحقيقية، المقاومة كانت تعلن في كل مرة عن نجاحها في صد العدوان على قطاع غزة وتحقيق إنجازات، وهي محقة في ذلك، وغالبية شعبنا يقدر إنجازاتها ، وعلى النقيض كان أنصار أوسلو "يسخرون" من تلك الإنجازات، وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنها انتصارات حقيقية لها ما بعدها، ولكنهم ولحسابات حزبية يحاولون خداع العامة دون جدوى.
قد يقال ما علاقة ما يشهده الكيان الإسرائيلي من فوضى ومظاهرات ضد الحكومة وأحاديثهم المتكررة حول اقتراب الانهيار، والحرب الأهلية الداخلية بالحروب السابقة على قطاع غزة؟، الذين يحكمون الكيان الإسرائيلي حاليًا هم أقلية في المجتمع الإسرائيلي، عبارة عن ائتلاف أحزاب صغيرة ومتعددة قائمة على تحقيق المصالح الحزبية والفردية، وليس على مصالح دولة الاحتلال.
المجتمع الاسرائيلي فشل في عدة محاولات في انتخاب كنيست مستقر وقادر على الاستمرار، إذ لم يعد هناك إمكانية للإجماع على شخصية إسرائيلية معينة أو حزب معين، بسبب عدم تمكن أي حزب إسرائيلي من توفير الأمن للكيان ومنع صواريخ المقاومة من الوصول إلى قلبه وبقية أطرافه، أربعة حروب مع قطاع غزة وبالرغم من ذلك تزداد المقاومة قوة ويزداد الكيان ضعفًا، واستطاعت المقاومة في قطاع غزة فرض معادلات لم يعتدها المجتمع الإسرائيلي.
قبل أيام ضج المجتمع الدولي، وحتى بعض العرب على تهديدات الوزير الإسرائيلي سموتريتش بمحو بلدة حوارة، ومنذ متى تؤثر التهديدات الإسرائيلية المتطرفة في المجتمع الدولي؟ أين المجتمع الدولي حين كانت طائرات العدو الإسرائيلي تدك غزة، وتلقي عليها بآلاف الأطنان من المتفجرات؟ أين هو عن حصار غزة المستمر؟ وأين هو من تاريخ (إسرائيل) الحافل بالمجازر ضد الشعب الفلسطيني؟.
كلما ارتكب العدو مجزرة يتداعى الوسطاء إلى غزة من أجل التهدئة، والآن يخشون من تدهور الأوضاع حتى لا تتدخل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ولا أحد يستطيع انكار هذا الواقع إلا مكابر، ولذلك يمكننا القول إن المقاومة أثبتت أن مشروعها هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، وليس مشروع التسويات الهزيلة، التي بان هُزالها أكثر فأكثر عندما قرر بعضهم إعادة طرح حل الدولة الواحدة بدلًا من "حل الدولتين" وهم لا يعلمون أن مرحلة الهزل والهوان لم يعد لها مكان لا في الشارع الفلسطيني، ولا حتى في المجتمع الدولي.