يا لها من حياةٍ قاسية تلك التي يعيشها المقدسيون في مدينتهم العتيقة؛ أكثر من 20 ألف بيتٍ مُهددة بالمصادرة يعيشون حالة القلق؛ كما تضع الجمعيات الاستيطانية يدها على عشرات البيوت بغرض الاستيلاء عليها، كما حدث في منزل "عائلة شماسنة" بالشيخ جراح التي رحلّت سلطات الاحتلال سكانها المكونين من ثمانية أفراد وحلَّ محلهم قطعان المستوطنين.
يقول رئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ د.عكرمة صبري لـ"فلسطين": "يرحل المقدسيون عن منازلهم التي وُلدوا فيها؛ ويُحرمون من العيش فيها في عملية طردٍ عرقي عنصري؛ فعائلة "شماسنة" سكنت منزلها قبل أن يكون هناك وجود للمستوطنين؛ لكن الاحتلال بكل أذرعه يضع المقدسيين في بنك أهدافه".
ويعتبر الخبير المقدسي د. جمال عمرو أن ترحيل عائلة شماسنة من منزلها في "الشيخ جراح" بمثابة حربٍ يومية على آلاف المنازل التي تسكنها عائلاتٌ من عدة عقود.
ويضيف: "نحن في القدس محرومون من حقوق أساسية بما فيها السكن؛ فكل القوانين تكفل هذا الحق، بينما الاحتلال يسلبنا حق السكن ليس في مدينتنا المحتلة فحسب بل في كل فلسطين، وعنصرية الاحتلال ستزداد في قادم الأيام، فهو يشعر أن لا أحد يردعه عن أفعاله العنصرية بالعالم".
واستنكر صمت العالم إزاء طرد المقدسيين من منازلهم كما يُصمت اليوم على مذابح بورما بحق المسلمين هناك.
وتابع قائلا: "كل مقدسيٍ يرفع رأسه سيكون مصيره الطرد من منزله أو محاربته في لقمة عيشه؛ أو تحويل المنزل إلى سجن آخر من خلال الحبس المنزلي لأطفاله".
ويرى الخبير المقدسي خليل التفكجي الترحيل من المنازل لصالح المستوطنين ظاهرة يعتمد عليها الاحتلال في اختراق الأحياء المقدسية، مشيراً إلى أن البلدة القديمة من النماذج الخطيرة التي تم فيها إحلال أكثر من سبعة آلاف مستوطن بهذه الطريقة لإحداث تغيير ديموغرافي لصالح الاحتلال".
وأضاف: "تُستهدف القدس في كل المجالات فهناك مشاريع لربطها بمدينة "تل الربيع" لنقل أكبر عدد من الإسرائيليين دفعة واحدة من خلال سكة قطار مركزية تنتهي وسط البلدة القديمة عند ساحة البراق، إضافة إلى بناء مشاريع ضخمة من فنادق ومناطق صناعية وغيرها من البنى التحتية بغرض تهويد القدس كاملة وبناء آلاف الوحدات الاستيطانية لإحداث الربط مع مستوطنات الضفة".
وختم الحديث بالقول: "يُحرم المقدسي من بيتٍ له فيه تاريخ حياته أولاده، فالاحتلال عملياً يشطب ذكريات المقدسيين".
ويرى الإعلامي المقدسي خالد أبو عكر مدير مؤسسة أمين الإعلامية؛ أن ما يجري في القدس استباحة لمسائل إنسانية؛ موضحاً: "إنه ظلم كبير أن تُلقى عائلات في الشارع بعد ترحيلها بالقوة، ذلك أن التمادي الإسرائيلي في القدس آخذٌ بالتصعيد الخطير حين تُحاصر أحياء بأكملها بإجراءات أمنية خطيرة، فبعد تهويد كل شيء جاء دور البيوت التي هي "عصب الحياة" وروح القدس".