كان صعبًا على شركة الطيران الصهيونية إقناع طاقم طيارين ومضيفات شركة "العال" بتسيير رحلة رئيس حكومة العدو نتنياهو، وزوجته سارة إلى إيطاليا، يوم الخميس المقبل، لذلك قرر مكتب رئيس الحكومة فتح مناقصة لشركات طيران إسرائيلية أخرى، لتسيير رحلة رئيس الحكومة.
الاعتراض على التعديلات القانونية لا يقف عند شركات الطيران المدني، بل تعداها إلى الطيران الحربي الإسرائيلي، وإلى جميع أذرع الجيش، إذ أعلن قادة بعض الوحدات انسحابهم، أو اعتذارهم عن مواصلة مهماتهم التدريبية، أو الخدمية داخل المؤسسات العسكرية، ومن ضمنهم 37 طيارًا من سرب الطائرات المقاتلة في سلاح الجو 69، المختص بمهاجمة الأهداف البعيدة، هؤلاء أعلنوا قرارهم عدم المشاركة في تدريبات الأربعاء المقبل، احتجاجًا على التعديلات القانونية، كذلك أعلن 130 ضابطًا من وحدة "يهلوم" الهندسية، الذين احتجوا لدى وزير الحرب جالانت على التعديلات القانونية، وأنه يجدون صعوبة في الخدمة، وهناك المئات من ضباط الاحتياط في وحدة المخابرات العسكرية 8200 وقعوا على رسالة يحذرون فيها بأنهم لن يتطوعوا للخدمة، إذا تمت التصديق على التعديلات القانونية، إضافة إلى 100 ضابط من منظومة العمليات الخاصة في الاستخبارات العسكرية، ومن بينهم مسؤول برتبة لواء، هددوا بعدم الاستمرار في الخدمة، في حالة التصديق على التعديلات القانونية، وجرت مظاهرة نظمها نحو 2000 من جنود الاحتياط في القدس في شهر فبراير للغرض نفسه، وكل هذه الأخبار تؤكد أن الجيش الإسرائيلي الذي وصف يوماً بأنه لا يقهر، هذا الجيش أمسى جزءاً من انقسام المجتمع الإسرائيلي، الذي يسير إلى المجهول، فلماذا دخل قادة سلاح الجو والبر معركة الانقسام؟
يزعم قادة الأذرع العسكرية الإسرائيلية أن التعديلات القانونية تثير قلق الطيارين وخوفهم، وستتركهم فريسة للمحاكم الدولية بتهمة جرائم حرب، إنهم اليوم يتمتعون بغطاء قانوني، عبر محكمة العدل العليا في (إسرائيل)، والتي توفر الغطاء القانوني لكل عدوان يطال المدنيين، سواء كان العدوان على مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، أو حتى في قلب العاصمة دمشق.
رئيس أركان جيش العدو الإسرائيلي هرتسي هاليفي حمل تخوفات قادة الجيوش، وأبلغ نتنياهو قلقه الكبير من انتشار العصيان داخل الجيش الإسرائيلي على خلفية قانون الإصلاح القضائي، رسالة رئيس الأركان لم يتجاهلها وزير الحرب يوآف جالانت، وهو من قادة حزب الليكود، الذي قال: "الوضع اليوم يتطلب منا أن نجلس للحوار، وبسرعة، نحن نواجه تحديات خارجية ثقيلة ومعقدة، وأي دعوة للعصيان تضر بعمل الجيش وقدرته على القيام بمهامه".
المسؤولون الإسرائيليون على جميع المستويات لا يتجاهلون صرخة الجيش، وهم يعرفون أن إسرائيل جيشٌ له دولة، وإذا تحركت أذرع الجيش ضد التعديلات القانونية، فذلك يعني انقلابًا عسكريًّا، وفق مفهوم نتنياهو، الذي قال في جلسة الحكومة: عندما يدعو الجنرالات إلى العصيان والتمرد، فهذا لا يحافظ على الديمقراطية، بل يقضي على الديمقراطية، وهذا المنطق يتوافق مع قناعة زعيم حزب شاس أريه درعي الذي قال: "المواطنون الذين يخرجون للتظاهر هم خارجون عن الصف، وهم محبطون، لأن الجمهور لم ينتخبهم، لقد أدركوا أنه يمكنهم الإطاحة بالحكومة اليمينية من خلال الفوضى العارمة"
الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي يتطور بسرعة، وأي تراجع للتكتل اليميني عن مشروع التعديلات القانونية يعني الانكسار، وهذا ينطبق على تجمع اليسار، الذي يحارب من أجل مصالحه ومستقبله، والمعركة بين الطرفين دخلت مرحلة الحسم، مع غياب أي حلول وسط يلتقي حولها الأخوة الأعداء.