فلسطين أون لاين

جريمة حوارة

لا يقل ما فعلته المستعمرة وأدواتها الاستيطانية في قرى نابلس: حوارة وزعترة سوءاً وأذى عما فعلته بحق الشعب الفلسطيني عام 1948، من تدمير وحرق وإبادة 521 قرية فلسطينية، بعد سلسلة من المجازر والتطهير العرقي لسكانها، وتهجير من تبقى منهم وطردهم خارج فلسطين.

حتى عام 1967، لم تفعل ذلك إلا بثلاث قرى أزيحت وأزيلت عن الخريطة: عمواس، ويالو، وبيت نويا.

حرق المستوطنون الاستعماريون الأجانب من الإسرائيليين ممتلكات الفلسطينيين، وعشرات البيوت كان أصحابها بداخلها، ما يعني أن الهدف المقصود كان إبادتهم أو ترحيلهم، وتم ذلك بتحريض علني وتشجيع قيادتهم السياسية الحزبية البرلمانية والحكومية: بن غفير وسموترتش وغيرهما، على طريقة ما فعله من كان قبلهم عام 1948، وعملوا ذلك في حوارة، ليكون نموذجًا يمكن أن يتكرر.

وعليه يجب ألا يتكرر هذا الحدث وهذه الجريمة، ويجب إحباط أفعال المستوطنين المنفلتين، وإفشال مخططاتهم، بتوظيف كل أدوات الوعي والتماسك الوطني للفلسطينيين، سواء في مناطق 48 أو 67، بتعويض المتضررين عن خسائرهم، وتشكيل لجان الحماية، وتكريس الأمن الوطني والشرطة والأجهزة لحماية أحياء الفلسطينيين في مناطق الاحتكاك، ووضع نقاط حمراء قد تكون مستهدفة، وإعطاء الأهمية الأمنية لها، وإعادة بناء وترميم البيوت المحترقة.

فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ومسيحياً ودولياً، مطلوب وضع البرامج والسياسات وخطط التعرية لحقيقة المستعمرة وأدواتها ومشروعها الاستعماري التوسعي، وسياسات الأبارتهايد والتطهير العرقي التي قامت عليها، وها هي تمارسها بجميع الأشكال والمظاهر والأدوات المتوافرة لديها، كما فعلت في قرى نابلس وجوف مدينتها القديمة.

لن تتراجع سياسات وخطط وبرنامج المستعمرة، وهي تتمهل أو تستعجل في جرائمها حسب الظروف المتاحة لتنفيذ ما تراه، وهي تقرأ المعطيات المحلية والعربية والدولية، وعلى أساسها وخلفيتها تتمدد خطوات عملها، فهي تعطي الأولوية لابتلاع الأرض الأكبر مساحة للمستوطنات وتوسيعها، وتقليص مساحة الأرض لأهلها من الفلسطينيين والتضييق عليهم، وجعل أرضهم طاردة لهم، وعدم تسهيل حياتهم، بهدف التهجير الطوعي والهروب الاختياري، وإذا تعذر، وهو كذلك، تستعمل أدوات الإبادة كما فعلت عام 1948، وأقلها عام 1967، وها هي تعود لأصلها وثقافتها العنصرية وعدوانيتها وجرائمها، وتستعمل أدوات القيصرية والنازية والفاشية، كما فعلت باليهود، ليكرروه مع الفلسطينيين.

يجب ألا تمر جريمتهم في حوارة، فقد سبق وحرقوا عائلة الدوابشة وأطفالها قبل سنوات، وهم يفعلون ذلك اليوم، ومع التقدير للاهتمام الأوروبي عبر ممثليهم في فلسطين، فإن احتجاجهم المقدر غير كافٍ نتيجةً وفعلًا، ومَعابة ألّا يؤدي أصحاب الشأن العربي والإسلامي والمسيحي، وأصدقاء العدل والحرية في العالم واجبهم نحو الفلسطينيين كما يجب.

وأخيراً، ماذا بشأن الشركاء الذين استضافهم اجتماع العقبة، فالجريمة تمت وحبر بيانهم لم يجف بعد؟ فهل يكفي بيان القلق ردًّا على جريمة حوارة؟

 

المصدر / صحيفة الدستور الأردنية