في كل مرة تكذب فيها قيادات السلطة على الشعب نذكرهم أن الكذب حرام وغير مفيد، ونقول لهم إن حالة الوعي العالية لدى الشعب تقتضي عدم الكذب عليه، ولكنهم للأسف يعودون للكذب، وأحيانا تكون كذبتهم بحجم جبل لا يمكن أن تخطئه عين الرائي من مسافات بعيدة.
من أواخر كذبهم المؤسف ما صرح به عزام الأحمد لتلفزيون فلسطين مساء الثلاثاء الماضي بُعيد حرق المستوطنين لحوارة، حيث قال: "إن الرئيس محمود عباس أعطى تعليماته للأجهزة الأمنية بالتصدي لقوات الاحتلال والمستوطنين في ظل الاقتحامات المتواصلة لمناطق الضفة الغربية".
الميدان كذّب الأحمد مرارا وتكرارا، ويكذبه الآن، وسيكذبه مستقبلا، لأن الشعب الفلسطيني قاطبة يعلم علم يقين أن الرئيس محمود عباس لا يفعل ما يقوله الأحمد، وهو لم يصدر أوامر لأجهزة السلطة من هذا القبيل، ولن يصدرها حتى يلج الجمل في سمّ الخياط.
جيد أن يتحدى الشعب الأحمد ويقول له أثبت قولك، وأقم عليه البرهان، ففي كل يوم بعد حرق حوارة يقتحم الجيش والمستوطنون لا المسجد الأقصى وحده، بل كل مدن الضفة وبلداتها. لكي نصدق الأحمد نطلب منه تقديم صورة، أو مقطع فيديو عن هذا التصدي المزعوم.
في كل يوم نجد صورا ومقاطع فيديو لاقتحامات الجيش والمستوطنين، وقتل الشباب والأطفال وهدم البيوت، واقتلاع أشجار الزيتون، وفي أثناء هذه الاقتحامات تعليمات عباس توجب على المجندين والشرطة الفلسطينية تنكيس السلاح، ولزوم المخفر أو البيت، وترك الجيش يفعل ما يشاء. هذا المشهد المذل الذي لا يعبر عن أخلاق شعبنا وشهامة رجاله نراه يتكرر في رام الله، وجنين، ونابلس، وأبو ديس، والجلزون، وغيرها. والأحمد يتجاهل ما نراه ونسمعه، ويبيعنا تصريحات ومزاعم فارغة!
يا أحمد، الصمت عادة خير من الحديث الكاذب، وقد علمونا أنه إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، ولا سيما إذا كان الكلام محض كذب وهراء ولا رصيد له. نحن نعقل أنه لو صدرت أوامر قتال وتصدٍّ للأجهزة من عباس ما كان يمكن لعباس أن يبقى يوما واحدا في المقاطعة، ولكان الأحمد أول من يعتقل، لا أول من يتمتع بتصريح VIP. نريد قادة صادقين، لا يضللون الشعب. هل يمكن لقادة السلطة أن يصمتوا، أو يراجعوا أنفسهم، ويعرضوها على معايير الصدق؟!