تتطور أدوات ووسائل المحتوى الفلسطيني في الضفة والقطاع بما ينسجم مع الحالة الثورية في الضفة، مع صعود دور الإعلام وتأثيره على الحالة النضالية الفلسطينية، كذلك دوره في تعزيز الرواية الوطنية، وإثبات الحق الفلسطيني، والعمل على بلورة صيغة نضالية تكرس وتعزز مشروعية المقاومة وكنس الاحتلال.
بات المحتوى الفلسطيني من أهم المرتكزات الذي يستند إليها الشباب الفلسطيني، والاهتمام بها في كل الساحات عبر الكثير من الوسائل التي يمكن عن طريقها بناء حالة وطنية تُشكل قوة جديدة في ملاحقة الاحتلال الصهيوني، والكشف عن جرائمه، في ضوء بعض المتغيرات التي تدعم هذه الحالة، وبالتالي فإن دور الاحتلال بات يظهر أكثر وضوحًا في ملاحقة صانعي المحتوى عبر شبكات ووسائل الإعلام، كمحاولة لتقويض الجهد الذي تبذله المؤسسات الإعلامية، والقوى الشبابية الفاعلة، التي تشكلت مع تصاعد الأوضاع الأمنية في الضفة والقطاع.
إن صناعة أي محتوى في دول ما، بحاجة للمزيد من الحريات، إذ أكدت التجارب العالمية أن نجاح أي محتوى أو أي إستراتيجية إعلامية يعتمد بالأساس على مساحة الحريات التي تأتي في إطار القانون الذي يكفل هذا الحق لكل مواطن، في حين أن إستراتيجيات إعلامية دولية تراجعت مع الكوابح التي تتعرض لها قوى المعارضة، في إطار إجهاض الفكر الذي يعزز الإستراتيجيات التي تدعم الحقوق العامة وتناهض الاستعمار والظلم.
إن بعضًا من تلك الإستراتيجيات لا تزال ملاحقة في الضفة من الاحتلال، وممن يتعاون مع الاحتلال، باعتبارها إستراتيجية ذات عمق وطني وسياسي ولها أهداف على المدى البعيد، لدعم المقاومة وحماية المشروع الفلسطيني، ومحاصرة الاحتلال، ودحض الرواية الإعلامية الكاذبة التي تتمترس خلفها مؤسسات الاحتلال الأمنية والإعلامية والسياسية مع معركة كي الوعي، وفي سياق الخطط الأمنية الصهيونية التي تعمل على تفتيت بنية وترابط المجتمع الفلسطيني.
وبالتالي فإن قانون الحريات لا يزال معطلاً في الضفة، مع التداخل في السلطات والصلاحيات وعدم تبني فكرة الدولة الواحدة، بمعزل عن الخلافات الداخلية أو ما يشابهها، في ضوء ما يتعرض له المشهد الفلسطيني من ضعف الاستقرار في الكثير من المحطات والمستويات والأشكال، إذ إن ما يعزز حالة الانقسام هو استخدام القانون بالطريقة التي تعزز نفوذ النظام وتكبح الإستراتيجيات التي تهدف إلى تصويب وإعادة صياغة النظام، إذ إن هذه الحالات لا تزال تمثل تحديًا خطيرًا أمام المحتوى الفلسطيني.
في السنوات الأخيرة حقق المحتوى الفلسطيني نجاحات في كل المستويات، على الصعيد السياسي، والأمني، والإعلامي، وقدم نموذجًا فلسطينيًّا وطنيًّا، ساهم وبشكل كبير في تعزيز الحالة الثورية في الضفة، إذ إن رصد الاعتداءات الصهيونية والمجازر التي ينفذها الاحتلال بحق أبناء شعبنا وتسليط الضوء على جميع تفاصيل المشهد الفلسطيني النضالي، يمثل دوافع مهمة في تعزيز مشروعية المقاومة، لتصبح ثقافة تتجذر في أوساط المجتمع الفلسطيني، وأكدت المؤشرات أن عددًا من المؤسسات التي تُعِد المحتوى الفلسطيني، باتت هي من تقود المعركة الإعلامية بوجه الاحتلال، وتتسع إستراتيجياتها الوطنية في كل الساحات، وهو ما يزيد من تأثير الفعل الميداني ويعزز نجاحاته.