لم يكن الوزير سموتريتش على بدعة من الأمر عندما دعا إلى مسح بلدة حوارة من الوجود، ألم يمسح آباؤه قرابة ثلاثمائة وستين قرية فلسطينية من الوجود عام ثمانية وأربعين؟ لم يتحرّك لهم جفن وسكنوا مساكننا وزرعوا مزارعنا واستمتعوا ببيّاراتنا، شربوا ماءنا وتنفّسوا الهواء ذاته الذي كنا نتنفّس منه، بل ناموا في أسرّتنا وفتحوا نوافذ بيوتنا وأبقوا صورنا معلّقة على جدراننا وحوّلوا مساجدنا إلى كنس يتوجّهون فيها إلى إلههم في صلاتهم، كيف أجازت ضمائرهم أن يفعلوا فينا كلّ هذا؟ أم أن ضمائرهم قد توقّف بها الزمن منذ أن قرّروا أن يتحوّلوا من ضحية للنازية إلى نازيين يمارسون ما مارست عليهم النازيّة؟ نعم منذ تحوّلوا من ضحيّة إلى جلّاد واختارونا نحن أن نكون ضحيّتهم، مجرّد خطأ طفيف في مؤشر البوصلة فبدل أن يتجه نحو من أبدع في قتلهم وحرقهم اكتفوا منه بالتعويضات الماديّة ووجّهوا مؤشر بوصلتهم السوداء إلى صدر الشعب الفلسطيني.
هل أتاك نبأ النازية يا سموتريتش؟ هل أتتك قصص إجرامهم فيكم؟ هل سمعت بمن أحرقكم في أفرانه؟ هل تجرؤ وتصرّح بأنك ستمسحهم عن الوجود؟ تخرس هناك، ولا تنبس ببنت شفة وتأتي لتعربد على الشعب الفلسطيني؟ تريد مسح وجوده وقلعه من جذوره؟ لماذا تجبن وتختفي خلف ذيلك أمام من حرقك في أفرانه في حين تخرج كلّ عربدتك وعنصريتك وشهيتك للإجرام وتتخطّى كلّ الحدود وتدعو لمسح بلدة فلسطينية آمنة وادعة بكلّ ما أوتيت من حقد وعنصريّة؟
أمريكا الإمبريالية الحائزة على الجائزة العالمية في ممارسة الغطرسة على الشعوب المستضعفة تقول على لسان خارجيتها إن تصريح سموتريتش شيء مقرف، فقط هذا هو المقرف في الاحتلال؟ الآن أدركتم شيئا من قرف الاحتلال؟ أليس الاحتلال بكلّ محتوياته وجرائمه وأفعاله مقرفًا؟ لقد أحرجك بهذا التصريح الفظ، أمّا أمام ممارساته الفظّة التي تأتي دون تصريح فهل هي مقرفة؟ هل اقتحاماتهم للمسجد الأقصى المعروف تاريخيا وواقعيا أنه ليس لهم، أليست مقرفة؟ ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ولم تبق سوى هذه المساحة التي يصلّي فيها المسلمون؟ هل نعدّد لك حضرة الجناب الأمريكي ممارساتهم المقرفة؟ قتل ومجازر وسجون واعتداءات على أطفال ونساء وحواجز وسرقة دائمة ومستمرة للمقدرات الفلسطينية، أليس الاستيطان مقرفا؟ ألا يعد ما يفعلونه في سجونهم مقرفا؟ بما أنّكم تقرفون من الأعمال المشينة فاحذروا من الغرق في هذا القرف لكثرته التي لا تطاق أبدا. ثمّ ألا تقرفون من إبطال قرارات مجلس الأمن التي كانت لإدانة دولة الاحتلال عن ممارساتها لأشياء مقرفة، من خلال حق النقض الفيتو؟
هذا التصريح الأرعن لهذه الشخصية الخرقاء التي تحمل حقيبة وزاريّة في حكومة الاحتلال المجنونة، يكشف حقيقتهم المجرمة بكلّ وضوح، ويكشف أنّهم ما زالوا في الربّع الأوّل الذي انطلقوا منه لاحتلال فلسطين وارتكاب أبشع المجازر والتطهير العرقي العنصري لبلادنا وتحويل ما تبقى من الشعب الفلسطيني إلى عبيد وعمّال، لذلك فإن هذا التصريح الفاشي لا يخرج إلا من صدور قد امتلأت بالفاشية والروح الاستعمارية الاستعلائية المجرمة. وهذه ليست سمة هذه الشخصية المتعفّنة فقط، وإنما هي سمة من جاؤوا به إلى الحكم وانتخبوه، سمة الشخصية الصهيونية التي قبلت لنفسها أن تمارس الاحتلال.