وأخيرًا باتت مشاركة السلطة الفلسطينية بقرار منفرد دون الرجوع للجنة التنفيذية في لقاء العقبة الأمني، بالشراكة مع أركان من حكومة نتنياهو الذين خططوا لمجزرة نابلس، ومنهم رئيس الشاباك ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إضافة إلى الجنرال الأمريكي (فينزل) بديلًا عن الجنرال (دايتون) سيئ السمعة، وبمشاركة رجال أمن ومخابرات من الأردن ومصر.
إن مشاركة سلطة عباس بقرار منفرد تكشف كذب انتقاد السلطة الهجومَ على نابلس، وتكشف أن السلطة تقبل أن تبيع كل وطني إرضاء للبيت الأبيض، وتكشف أن مزاعم وقف التنسيق الأمني التي صرح بها عباس هي مزاعم كاذبة، ويكشف اللقاء الأمني عن حالة تضاد عميقة بين الإرادة الشعبية الفلسطينية، وما تريده وتقرره السلطة الفلسطينية الهزيلة، التي تعمل ضد المقاومة الفلسطينية بنفس الحجم الذي تعمل به (أمريكا وإسرائيل).
التسريبات التي تداولتها الصحف عن لقاء العقبة الأمني من حيث المضمون والأهداف تقول: إن أميركا تود من السلطة والأطراف المشاركة إنشاء قوة أمنية من عشرة آلاف مجند جديد لتتمكن السلطة من السيطرة على الضفة، وبالذات نابلس وجنين، وتلبية متطلبات الأمن الإسرائيلية كما تطلبه (إسرائيل) وأميركا، وفي المقابل يمكن عند تحقيق ذلك أن تدرس تل أبيب فكرة وقف دخول المدن الفلسطينية. ومن هنا جاءت مقولتهم في الإعلام: إن الأطراف العربية تناقش وقف الإجراءات الأحادية التي تقوم بها (إسرائيل)، وفي هذا القول نظر، وحكومة المتطرفين لن تقبل مطالب الطرف العربي.
خلاصة ما يمكن قوله في لقاء العقبة الأمني، إنه يشبه لقاء شرم الشيخ الأمني الذي أسفر عن وقف الانتفاضة الثانية. إن ما يمكن أن ينتج عن لقاء العقبة الأمني هو أن المقاومة الفلسطينية في الضفة وغزة تواجه بوضوح (إسرائيل) وأطرافًا عديدة، وأن القادم أصعب على المقاومة والضفة مما مضى وانقضى، وأن دولة (إسرائيل) تجد من يصون مصالحها، وأن أصوات الاستنكار والشجب على جرائمها هي نوع من النفاق والكذب.
الشعب الفلسطيني والمقاومة هما اليوم في واد، (وإسرائيل) والسلطة وأميركا في واد آخر، وجلّ المصادر تتحدث عن صراع قادم، وأحداث تبعث على قلق غير مسبوق، ولا يغيب عن القلق هذا مسألة ما بعد عباس، وما يمكن أن يحدث من صراع، وقد يوكل لقيادة المجندين الجدد (العشرة آلاف) السيطرة على الأوضاع بعد عباس، ودعم خيار البيت الأبيض و(تل أبيب)، ومن ثمة ستكون الرواتب والأموال أداة قوة لقيادة هذا الجهاز، وأعتقد أن اللقاء سيحظى بحديث جيد عن المال.