يزعم قائل منهم أن (إسرائيل) غدرت بالسلطة الفلسطينية بمجزرة نابلس، وأن السلطة كانت تعمل للتوقيع على اتفاق (لم يسمِّه) في السادس والعشرين من الشهر الجاري! حكومات (إسرائيل) حكومات غدارة، لا شك في ذلك، وغدرها لن يتوقف عند مجزرة نابلس، بل يمتد زمانا ومكانا في الأراضي المحتلة، ولكن المشكلة ليست في غدرهم، بل في غدرنا، أو في سذاجتنا، فإذا صحت الروايات التي تقول إن مجزرة نابلس كانت نتاج التنسيق الأمني النشط، فسلطتنا غدرت بشعبها، وإذا لم تصح روايات التنسيق والمعلومات الذهبية، فسلطتنا ساذجة، وفاشلة، ومن لا يملك حماية أبناء شعبه لا يحق له أن يقودهم، ولا يحق له أن يزعم البطولة في مواجهة الاستيطان في مجلس الأمن، أو بالتهديد بعدم حضور اللقاء الأمني في العقبة الذي تحضره (إسرائيل)، ومصر، والأردن، وأميركا. والمؤسف أن من يهدد بعدم الحضور لا يملك قرار تنفيذ تهديده، ومن المؤكد أن السلطة لا تجرؤ على الغياب عن لقاء الأمن البتة.
ما أود قوله لمن يزعمون غدر (إسرائيل) بالسلطة في مجزرة نابلس الأخيرة إن غالبية الشعب الفلسطيني لا يصدقكم، بل إن الشعب يحصي عليكم كذبكم عليه مرارا وتكرارا. ثم إن الوقائع تقول إنكم تكذبون وتضللون الشعب. أنتم تزعمون أنكم ضحية غدرهم، ومن ثمة تستنكرون جرائمهم، في حين الإعلام العبري يفضح أوراق التنسيق الأمني، ويقول إن الهجوم على نابلس يعزز سيطرة السلطة على نابلس.
دولة الاحتلال لم تعد تقبل التعاون مع السلطة وغيرها من تحت الطاولة والغرف المغلقة، دولة الاحتلال ترى نفسها أنها تجاوزت مرحلة التعاون السري، وهي في مرحلة التعاون العلني، أو قل التعاون على مياه بيضاء، دون مواربة. إسرائيل تريد إنجاز أشياء عديدة من وراء العلنية،
وهي تقول إن من يعمل معها بوجه ومع شعبه بوجه آخر لم يعد يفيدها، وبمكنتها الاستغناء عنه، إسرائيل تريد أن تنتقل بالتطبيع من الأنظمة إلى الشعوب، وهذا يقتضي العلنية.
إن الإعلان الإسرائيلي عن اللقاء الأمني في العقبة الأحد القادم، وهو لقاء يضم (إسرائيل) والسلطة ومصر والأردن وأميركا. وهنا يجب السؤال: كيف يكون ثمة لقاء أمني مع (إسرائيل) إذا كانت الأخيرة قد غدرت بالسلطة؟! هل يلتقي الغادر والمغدور معا بعد أسبوع ولما تجف دماء نابلس؟! اللقاء الأمني له تعريف واضح، ومغزى أوضح، والأهم أن هذا اللقاء مرشح لأن يفضح أقوال الكاذبين، وأن يلجم ألسنتهم. اللهم رحمتك بشعبنا.