قبل يومين سحبت السلطة مشروع قرار إدانة الاستيطان من مجلس الأمن، بزعم تدخل أميركا لتحقيق الاستقرار وتهدئة الأوضاع في الضفة، وزعمت أن هذا أقصى ما يمكن فعله. بعد هذين اليومين ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة جديدة في نابلس، فقتلت أحد عشر مواطنًا بينهم مسنان وطفل، وأصابت بجراح مختلفة مائة آخرين من سكان نابلس.
وهنا أودّ أن أسأل عن مزاعم التهدئة التي تحدّث عنها البيت الأبيض، والسلطة، وحكومة الاحتلال، فأقول: هل التهدئة تتحقق باجتياح نابلس وقتل وإصابة هذا العدد الكبير من المواطنين؟! الحديث عن التهدئة في الضفة هو حديث إعلام ومناورات، وحكومة الاحتلال هي التي تبادر بالتصعيد، وتهدد بمزيد من عمليات القتل والاجتياحات للمدن الفلسطينية.
ثم إن الأداء السياسي والأمني للسلطة الفلسطينية فاشل بدرجة مائة في المائة، وليته فاشل فقط، إذ إن بعض المراقبين يرونها خادمة للاحتلال، ومتعاونة مع القوات التي هاجمت نابلس على حين غفلة من أهلها. مصادر عبرية قالت إن الهجوم على نابلس حدث بعد أن تلقت أجهزة الأمن الإسرائيلية معلومة ذهبية عن المطلوبين. والتسجيل الصوتي للشهيد الجنيدي ورفيقه ولا نزكيهما على الله، يتحدث عن الخذلان، ويدعو على من خذلهم.
نابلس بلدة جريحة، وأم تفقد أبناءها، فماذا فعلت السلطة للأم ولأبناء نابلس؟ أهل نابلس هم أدرى بما يجري في بلدتهم القديمة. ثم ماذا فعل البيت الأبيض الذي أمر السلطة بسحب مشروع إدانة الاستيطان؟ ماذا فعل من أجل التهدئة ومنع (إسرائيل) من الدخول المسلح للمدن الفلسطينية وهي مناطق مصنفة "ألف"، حيث لا يسمح لقوات الجيش الاحتلال بدخولها؟
لا البيت الأبيض جاد في حماية الدم الفلسطيني، ولا السلطة جادة في ذلك، بل إن السلطة متهمة عند قطاع كبير من الشعب، والبيت الأبيض متهم من كل الشعب. وإسرائيل تديرها حكومة غلاة يتلذذون بقتل الفلسطينيين، ويزعون أن الفلسطيني الحيّ يهدد حياتهم
في ظل هذه المعادلات المعقدة، والأجواء القاتمة، يعيش الشعب الفلسطيني من أجل الوطن الحرّ، فهذا قدره، وعليه تقبل الشهادة، ولكن يجدر به أن يحذر من خذلوا الشهيد. رحم الله الشهداء، والعار لمن خذلهم.