"نحو مدرسة وطنية.. فلسطين تسكن فينا" مبادرة تقودها مدرسة دلال المغربي الأساسية المختلطة في قرية بيت عوا في الجنوب الغربي لمدينة الخليل، لإدخال المضامين الوطنية في كل ركن من أركان المدرسة، والساحة، والفصول، والإذاعة المدرسية.
تتحدى المدرسة وطلبتها ومدرسيها بهذه المبادرة محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتغيير اسمها الذي يشير إلى الفدائية الفلسطينية الملقبة بـ"عروس يافا"، والتي رفعت العلم الفلسطيني في عمق فلسطين المحتلة.
ودلال المغربي الأساسية المختلطة، مدرسة حكومية افتُتحت في عام 2013م، وفي عام 2017 رفع الاحتلال الإسرائيلي قضية على المؤسسة البلجيكية المانحة لتغيير اسمها، أو وقف الدعم عنها، وبالفعل أوقفت الدعم عنها وعن عدد من المدارس الأخرى بدعوى أنها تحمل أسماء "إرهابيين"، ومع ذلك رفضت وزارة التربية والتعليم تغيير الأسماء.
تقول مديرة المدرسة فاطمة سليمية: "في عام 2019 استلمت إدارة المدرسة وكانت المشكلة ما تزال قائمة، لذا أردتُ تحدِي الاحتلال الذي يوجد باستمرار بالقرب من المدرسة لأنها تقع في المنطقة ج، وبالقرب من جدار الفصل العنصري، وإعطاء المدرسة صبغة وطنية خالصة".
وتمثل المنطقة (ج) 60% من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وبناءً على اتفاقيات أوسلو، يجب أن تتبع هذه المنطقة لسيطرة السلطة الفلسطينية، لكن على أرض الواقع، تسيطر إسرائيل على جميع جوانب الحياة فيها، بما في ذلك الأمن والتخطيط العمراني والبناء.
وتضيف سليمية لـ"فلسطين": "بدأنا باسم الشهيدة دلال المغربي حيث قمنا بتوزيع نشرات تعطي معلومات وافية عنها، وأدخلنا تلك المعلومات في الاختبارات".
ونفذت الشهيدة دلال المغربي عملية فدائية على طريق الساحل الفلسطيني عام 1978، إذ وصلت مع أعضاء آخرين من حركة فتح إلى شاطئ بالقرب من "تل أبيب"، واختطفوا حافلة ركاب مسافرة على طريق الساحل المحتل، وأطلقوا النار على قوة لجيش الاحتلال كانت تلاحق الحافلة ما أدى إلى مقتل 38 مستوطنًا وجنديًا إسرائيليًا وإصابة أكثر من سبعين آخرين.
وتلفت سليمية إلى أن تحويل بيئة المدرسة إلى بيت فلسطيني، بداية من ساحتها، وإطلاق اسم بلدة، أو قرية، أو مدينة فلسطينية محتلة على 15 شعبة صفية تضم 414 طالبة وطالبة.
وتشير إلى أن خريطة فلسطين موجودة على باب كل صف، ويميز اسم كل صف بعلامة حمراء على الخريطة، كما يُعطى طلبة الصف نبذة عن القرية أو البلدة، وتدخل في الاختبارات.
أما الأنشطة اللاصفية، تبين سليمية أن المرحلة الأساسية من الصف الأول حتى الرابع الابتدائي لم يُلزموا بالزي المدرسي، وتُركت لهم حرية الاختيار في ارتداء الثوب الفلاحي للطالبات، والقمباز، والكوفية للطلاب.
أما الإذاعة المدرسية فباتت تسمى بـ"صوت دلال المغربي"، إذ يقدم الطلبة يوميًا ملخصًا عن كتاب يتحدث عن شخصية وطنية فلسطينية، إضافة إلى تقديم عروض مسرحية عن الأحداث اليومية منها اجتياح الاحتلال لمخيم جنين، وغيرها من الأحداث التي تشهدها المدن الفلسطينية، بحسب مديرة المدرسة.
والشهادات المدرسية أيضًا تأخذ طابعًا وطنيًا، حيث يتم طباعة صورة ومعلومات عن شخصية فلسطينية مؤثرة، وقد حملت نهاية العام الدراسي الماضي صورة الشهيدة شيرين أبو عاقلة.
والصبغة الوطنية أيضًا شملت فريق الكشافة المدرسي، حيث يقام عرين الكشافة وهو خيمة بدوية فرشت بمفروشات تبرعت بها جدات الطلبة.
ولم تتوقف إدارة المدرسة عند هذه المبادرة، إذ تنبه سليمية إلى أن المدرسة أطلقت مبادرة أخرى تحت عنوان "أنا فلسطيني قارئ.. أنا أتحدى"، تقوم على إنشاء مكتبات في مدارس التحدي والصمود المقامة على أراضٍ مهددة بالمصادرة أو تقع بين مستوطنات، حيث تم إقامة مكتبتين وطنيتين وفي طريقها لإقامة مكتبة ثالثة.
وتلفت سليمية إلى أن المدرسة كل عام تقيم مسابقة رسم خارطة فلسطين لطلبتها، التي تبنتها فيما بعد وزارة التربية والتعليم.
وتؤكد أن تعزيز القيم الوطنية ليس بالأمر السهل، ولكن ليس مستحيلًا، بتحويل مناسبة دينية، أو وطنية إلى مهرجان هادف يعرف الطلبة على وطنهم، بتوظيف أبسط الإمكانيات لتضمين المضامين الوطنية.
وتشدد على أن المجتمع المحلي له دور رئيس في دعم المبادرات المدرسية الوطنية، وإنجاحها، وضمان استمرارها بعد لمسه النتائج الإيجابية.