فلسطين أون لاين

تقرير تهيئة الأطفال للمواقف الصعبة.. ضرورة تربوية تصقل شخصياتهم

...
غزة/ هدى الدلو:

الظروف التي مرت بها آية حمدان خلال طفولتها "أقوى من أي شيء آخر"، حيث فقدت والدتها بعد إصابتها بمرض السرطان، وترك ذلك أثرًا مدويًا في نفسها، وبصعوبة بالغة استطاعت تجاوزها.

هذه التجربة جعلت آية تأخذ على عاتقها أن تعمل على تربية أبنائها بطريقة مغايرة، وتقوي شخصيتهم ليتمكنوا من مواجهة الحياة التي لا تخلو من المواقف الصعبة والصادمة في كثيرة من الأحيان.

تقول لصحيفة فلسطين: "لم أتمكن من استيعاب فكرة مرض والدتي، لأستفيق على فقدها، عشت ظروفًا نفسية صعبة".

وتوضح آية أنها تحاول في تربية أبنائها الأربعة أن صقل شخصياتهم لمواجهة أحداث غير مخطط لها، لا سيما أنهم يعيشون في بقعة ساخنة يتعرض السكان فيها لصدمات متعددة بفعل الحروب الإسرائيلية المتتالية على قطاع غزة، مشيرة إلى أن الأحداث التي عاشتها في طفولتها جعلتها تتحمل المسئولية مبكرًا.

في حين تجد سعدية صيام وهي أم لطفلين مختلفين في العمر، أن من الصعب عليها كأم تهيئة طفليها للمواقف الصعبة التي قد يمروا بها في الحياة، مشيرة إلى أنها تحاول عزلهما عن أي مشاكل، "نحن كراشدين نعجز أحيانًا وغير قادرين على التعامل مع العديد الوقائع القاسية".

وتقول: "الأحداث والأخبار التي نعيشها غالبًا ما تكون أكبر من قدرتنا النفسية على التحمل، فكيف أثرها على الأطفال. أريد أن يعيش أطفالي حياتهم، رغم خوفي من تعرضهم لصدمات من الصعب تجاوزها".

وهناك الكثير من الآباء يجهلون كيفية مساعدة أبنائهم المرور بمواقف صعبة بسلام رغم أن لها تأثير كبير على حياتهم وتحدث تغيرات، فكيف يمكن أن نهيئ أطفالنا للمرور بتلك المواقف؟

التهيئة للمشاكل ضرورة

وينصح موقع "أول برو داد" بضرورة تجهيز الأطفال بشكل مسبق لمواجهة صعوبات الحياة قبل أن يتعرضوا لها وتترك أثرًا في شخصياتهم.

ويقول الموقع: إن تهيئة الأطفال لصعوبات الحياة قبل أن يتعرضوا لها أمر مهم من خلال بعض الأمور، كتجهيزهم بالإمكانيات الصحيحة، ومنحهم الدافع والثقة بالنفس والمثابرة والإيمان وقوة الشخصية والحكم السليم والخبرة في حل المشكلات الصغيرة، وممارسة ألعاب حل المشكلات كعائلة.

ويطلق الاختصاصي النفسي محمود علي على ذلك اسم "التكيف مع الحياة" وهو أمر يتطلب من الجميع كبارًا وصغارًا تعلمه، ويتطلب تدريبًا مكثفًا لمعرفة كيفية التأقلم.

ويبين أن المواقف التي يمر بها الطفل قد تحدث أثرًا على شخصيته أو سلوكه، خاصة في حال كانت الحدث صعبًا كفقدان قريب من حلقة العلاقات الأولى، أو المشاكل التي تنشب بين الأب والأم، وبعض الأطفال يتأثر لمجرد قدوم طفل جديد إلى الأسرة.

ويعتقد علي أن المشكلة تكمن في تعاطي الوالدين، فالبعض ينظر لها على أنها بسيطة، وقد لا يلتفتون إليها بحكم انشغالهم في الحياة اليومية، أو قد لا يكون لديهما أي فكرة عن سبل تجاوز الأزمة".

ويتفق الاختصاصي النفسي الاجتماعي زهير ملاخة مع زميله علي، بضرورة تهيئة الأبناء للمواقف الصعبة في ظل الانفتاح الثقافي والتلوث الفكري.

ويقول: "لا بد من الوالدين استحضار صعوبة المرحلة، وتوفير أجواء أسرية آمنة بعيدة عن النزاع وهو عامل مهم لتحقيق السعادة والقدرة على التأثير والتكيف مع الظروف الخارجية أو الداخلية التي تعصف بالأسرة، واستخدام الأسلوب المناسب للمرحلة العمرية للطفل.

ويلفت إلى أهمية مراعاة النضج العقلي والانفعالي والاجتماعي للطفل، ومعرفة وميوله واهتماماته واختيار الأسلوب المليء بالإيجابية وتعزيز الجوانب المميزة في شخصية الطفل لزيادة الثقة بالنفس، وتقديم النصح وتجنب الأمثلة السلبية. 

نصائح

وبالعودة إلى "أول برو داد"، يبين الموقع أن الكثير من الآباء يجنبون أطفالهم تحمل المسؤوليات ويمنحونهم الدلال، فيصابوا بالصدمة في حال واجهتهم أي صعوبة في حياتهم، وينصحهم بألا يعززوا الاستسلام وألا يحلوا أي مشكلة تواجه طفلهم في حال كان بإمكانه حلها، مع الحرص على التوجيه والحث والتشجيع، ومحاولة تخطي الطفل للمشكلة وتحقيق النجاح بدلًا من الاعتراف بالهزيمة أمر مهم.

ويطرح الموقع بعض النصائح التي يمكن من خلالها مساعدة الطفل في حال مر بأزمة كبيرة، بأن يكون والديه قدوة في إدارة عواطفهم، فيتطلع الأطفال لآبائهم للحصول على إشارات حول كيفية الاستجابة للموقف الصعب، فإذا كانوا مذعورين فسيعتقدون أن الموقف مخيف، وإذا كانا غير متأقلمين جيدا فسوف يعتقد الأبناء أنهم غير قادرين على التعامل مع الموقف، وتوضيح كيف يتم إدارة المشاعر.

كما لا بد من منح الأطفال وقتًا للاستعداد، واستماع الوالدين إلى مخاوفهم فقد يشعر بالحزم والإحباط وخيبة الأمل، فحينها يجب الاعتراف بصعوبة الموقف مع مساعدته في التعامل مع المشاعر.